[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
إذا كانت الرسائل تقرأ من عناوينها، فإن العلاقات بين البشر تصبح معروفة إذا ما مهد بالأساليب التي تترك انطباعات محددة لها، فكيف عندما يصر رئيس الدولة العظمى باراك أوباما على عدم استقبال رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو خلال رحلته المقبلة في مطلع مارس الى الولايات المتحدة من أجل إلقاء خطاب باتت تفاصيله معروفة قبل سماعه.
يتصرف نتنياهو وكأنه يحاصر الرئيس الأميركي بإصراره على إلقاء الخطاب، رغم أن نائبا من الديمقراطيين اعتبر ان القاء الخطاب يعني إهانة لأوباما. ويصر رئيس وزراء الكيان الصهيوني أن يحدد شروطه على الأميركيين قبل وصوله الى اميركا، فهو يعتبر نفسه وصيا عليهم ومن حقه ان يسمعوه جيدا وأن يتفاعلوا معه وأن ينفذوا ما يقرر.
اوباما يعرف جيدا ان نتنياهو يريد محاصرته بمسألة تهم اميركا في هذه الأيام وهي المباحثات الأميركية الايرانية حول قضية النووي، وفيما يعتبر اوباما انه يتجه لإنجاز تاريخي، نجد نتنياهو في تفسير آخر مفاده ان الاتفاق خطر وجودي على اسرائيل. وكلمة وجودي يستعملها نتنياهو في كل المناسبات المسموعة والمقروءة ليؤكد دائما هذه المقولة حتى أنها اشتهرت وباتت معروفة بمجرد حديثه عن ايران.
في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة سمع نتنياهو مالم يسمعه في حياته اذ قال له اوباما " اذا لم يكن لديك جديد للبحث أفضل الذهاب الى زوجتي وابنتي " .. عندها أسقط في يده وبات عليه ان يخترع الجديد لكنه لم يستطع. وليس اوباما من يؤكد انه لن يستقبله، فإن الديمقراطيين وبعض اليهود النافذين قرروا منذ الآن مقاطعة خطابه، بل ان يهودا اميركيين كانوا قد ارسلوا له كلاما بأن لا يلقي خطابه فهم يعلمون ان ليست قضية ايران وراء حملته الكلامية فقط بل الانتخابات القادمة في مارس ايضا في اسرائيل. وكانت العلاقة قد ساءت بين اوباما وبين نتنياهو منذ ان انحاز هذا الأخير الى المرشح الخصم للرئيس الأميركي عام 2012.
على كل حال ليست هي المرة الاولى التي تتخربط فيها العلاقات الأميركية الاسرائيلية وتصل مرحلة السوء الذي تبلغه اليوم .. ففي العام 1956 امر الرئيس الأميركي ايزنهاور اسرائيل بالانسحاب فورا من صحراء سيناء التي احتلتها في ذلك الوقت إثر العدوان الثلاثي على مصر والذي كان سببه تأميم قناة السويس .. وفي العام 1973 وإثر حرب اكتوبر قام وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر بإرسال تهديد قوي الى رئيس وزراء العدو آنذاك جولدا مائير بإمكانية اعادة تقييم العلاقات بين البلدين لرفضها السير باتفاقية الجولان مع سوريا. بل ان وزير الخارجية الاميركي ايضا جيمس بيكر كان قد منع نتنياهو من الدخول الى وزارة الخارجية الاميركية عام1991 بسبب انتقاده للسياسة الأميركية، ( تاريخ نتنياهو في الولايات المتحدة صادم للأميركيين)، كما ان الوزير بيكر اعلن مقاطعة حكومة اسحق شامير اضافة الى توقيف المساعدات عنها بسبب موقفها من المشاركة بإقامة سلام مع الفلسطينيين في مدريد.
رغم كل مواقف اوباما والديمقراطيين وبعض اليهود النافذين يصر نتنياهو على إلقاء خطابه في الكونجرس في اكبر عملية احراج لرئيس اميركي لا ندري كيف سيمكنه معالجة هذا الموقف قبل ان يصل رئيس وزراء العدو الى أميركا لهذا السبب.