لا يختلف اثنان على أن الجيش العراقي عبر مسار عمره كان محط اهتمام وتقدير العراقيين لدوره في صيانة وحدة العراق بعد أن تحوَّل إلى ضامن لوحدة العراق وسيادته. ومقر وزارة الدفاع العراقية في بغداد كان رمزا وشاهدا على أحداث العراق طيلة عقود. وبناية وزارة الدفاع التي نتحدث عنها اتخذها الراحل الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء العراقي بعد سقوط الملكية عام 1958 ولغاية مقتله فيها بعد ثورة 8 شباط ـ فبراير 1963 مقرا له، وهي المحاذية لنهر دجلة من رصافة بغداد تحوَّلت بعد العام 2003 إلى المنطقة الخضراء.
وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع هي رمز وعنوان للجيش العراقي، إلا أنها معلم تاريخي وتراثي بغدادي بقيت موضع اهتمام ورعاية الحكومات المتعاقبة على إدارة شؤون العراق لغاية تحويلها إلى مشفى. كما تحوَّل مستشفى الرشيد العسكري الذي دُمِّرت جميع مستلزماته الطبية بعد احتلال العراق، وسرقت جميع موجوداته، وتحوَّلت ردهاته إلى مساكن عشوائية.
وجيش العراق الذي نستذكر مسيرة انطلاقه ونواته الأولى فوج موسى الكاظم في السادس من كانون الثاني ـ يناير 1921م، فالمؤسسة العسكرية العراقية التي أرست أول تقاليدها في نواتها بالفوج الوليد في السادس من كانون الثاني 1921 أضحت وعبر تأريخها وما حققته على صعيد حماية الوطن وتلبية مشاغل العراقيين بوطن مستقل وموحد، أضحت مثار فخر لكل المتطلعين لتأسيس عقيدة عسكرية وطنية تستجيب لدواعي المسؤولية أينما اقتضت الضرورة القومية، سواء على صعيد الوطن وتحصينه من الأعداء أو في نجدة الأشقاء عندما تقتضي موجبات الدفاع العربي المشترك. فمنذ ولادة هذا الجيش كان درع الأُمَّة وذراعها القوية يلبي نداء الواجب حيث يكون.
وشهدت فلسطين وسيناء والجولان والأردن والصومال واليمن ولبنان صولات وجولات الجيش العراقي الذي انتخى دفاعا عن الأرض العربية والحق العربي، وقدم أغلى التضحيات من أجل ذلك. وجيش بهذه العراقة والبسالة ومتسلح بعقيدة وطنية كان هدفا للطامعين بأرض العراق، الذين وجدوا في هذا الجيش وتأريخه الحافل بالبطولات خطرا عليهم، الجيش العراقي، في محاولة للإساءة إلى هذه المؤسسة الوطنية ورموزها التي كانت صمام الأمان لوحدة العراق وقوته واستقلاله.
وعندما نستذكر تاريخ ومسيرة جيش مثل جيش العراق فإننا نتوقف عند شهداء هذا الجيش في مقابر الشهداء في الأردن وفلسطين والجولان ومصر وأقطار عربية أخرى كشاهد حي على دور هذه المؤسسة العسكرية التي طالما كانت حامية لصيانة وحدة العراق، وملبية لمشاغله وتطلعاته.


أحمد صبري
كاتب عراقي
[email protected]