في مؤتمر كوبنهاجن في العام 2009 تعهدت الدول الغنية بمنح الدول الفقيرة 100 مليار دولار سنويا للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف مع الأضرار الناتجة عنه، وكان الموعد النهائي للسداد 2020م، ولكن جاءت جائحة كورونا وبعدها الأزمة الأوكرانية ولم يصل الدول الفقيرة إلاَّ جزء يسير لا يتعدى 20% من هذه التعهدات، أدخلت فيه الدول الغنية كافة أنواع المعونات التي قدمتها للدول الفقيرة، بما فيها المنح المتعلقة بمكافحة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
وتحتاج الدول النامية التي تعاني من ويلات التغير المناخي، دون أن تكون سببا فيه؛ فنسبة انبعاثات الدول الإفريقية مجتمعة لا تتعدى 2% مقارنة بـ52% لأميركا والصين والاتحاد الأوروبي، إلى إنفاق 5% من موازناتها السنوية للحدِّ من الانبعاثات والتكيف مع آثار التغيرات المناخية، بالتوسع في بناء محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والاستبدال التدريجي للوقود الأحفوري بالهيدروجين الأخضر، والتوقف عن إزالة الغابات ومكافحة التصحر والنحر البحري بزراعة الأشجار وخصوصا المانجروف على أطراف المدن، وإنشاء الحواجز الصناعية لمنع تآكل الشواطئ وحماية الجزر والمدن المعرضة للغرق، وإنشاء محطات تحلية مياه البحر، واستخدام طرق الزراعة والري الحديثة لترشيد استهلاك المياه والحدِّ من تلوث المياه الجوفية ومياه الأنهار، والمحيطات، بمنع استخدام الأكياس البلاستيكية وإعادة تدوير النفايات، والتوقف عن إلقائها في البحار والمحيطات للمحافظة على البيئة البحرية.
في أواخر شهر أغسطس الفائت، فاضت ضفاف نهر السند، وأغرقت ثلث مساحة باكستان جراء الأمطار المتواصلة العنيفة، لتحدث أكبر كارثة طبيعية في تاريخ البلد الواقعة في حزام الأعاصير، قتل قرابة 1300 شخص، وغرقت مئات الآلاف من البيوت والأراضي الزراعية، وما زالت أعداد كبيرة من الأسر تعيش حتى اليوم في مخيمات مؤقتة للإيواء جنوب البلاد، هذه الكارثة تتكرر بدرجات متفاوتة طوال العقد الأخير في باكستان، ويشير الباكستانيون بأصابع الاتهام إلى الاحتباس الحراري، الذي لا يُسهمون في حدوثه بأكثر من 8.% من الانبعاثات الكربونية، ويطالبون الدول الصناعية المتسببة بتعويضات تصل إلى 40 مليار دولار لإصلاح الأضرار التي لحقت بالأفراد والبنية التحتية جراء الفيضانات، ونفس الكارثة تكررت في السودان الصيف الماضي وفي كثير من الدول النامية التي لا ذنب لها في ارتفاع درجات حرارة الأرض؛ الذي تسبب في جفاف أنهار أوروبا وأمطار وفيضانات في آسيا وإفريقيا.
في كوب 27 الذي انطلق أمس الأول في مدينة شرم الشيخ معروض ملف بعنوان العدالة المناخية، والذي يطالب الدول الغنية الأكثر مساهمة في الانبعاثات الكربونية، بتعويض الدول الفقيرة التي تنوي مناقشة الأمر بجدية داخل أروقة المؤتمر بالتنسيق مع الدول المتضررة.
وترفض الدول الغنية التورط في سداد أي تعويضات متعلقة بالمناخ، وتخشى أن تفتح الباب أمام الدول النامية لمزاعم مناخية غير موثقة، وترى أنه يكفيها ما تعهدت به ـ المائة مليار دولار ـ المخصصة لدعم الدول الفقيرة لخفض الانبعاثات والتكيف، رغم مناشدة أمين عام الأمم المتحدة دول العالم للمسارعة إلى نجدة باكستان ومساعدتها في إصلاح الأضرار الناجمة عن الفيضانات الأخيرة، لكن الاستجابة كانت خجولة من أميركا وأوروبا، مقارنة بدول متوسطة الدخل أقامت جسورا جوية لنقل المساعدات العاجلة للمتضررين.

محمد عبد الصادق
[email protected]
كاتب صحفي مصري