[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
هي الحرب بين سوريا مباشرة واسرائيل غير المباشرة، وهي بالتالي اختبار للقوة بالنار التي سيكون على الجيش الاسرائيلي أن يحسب لها ألف حساب إن هو فكر تغيير غير المباشر إلى المباشر من جهته.
بهذا الفوز الذي حققه الجيش العربي السوري على جبهته الجنوبية، وربما هي الأهم بنظر المراقبين، إذ انها تختزن موقفا ضد العدو التاريخي، ومن ثم ضد العدو الطاريء وهو جبهة النصرة، ولنثبت ان لا حماية اسرائيلية له، وانه عند دفع الفواتير الكبيرة سيذهب فرق عملة كما يقال بالعامية، اي انه لن تكون له اية قيمة في مواجهة قوى الكبار.
الجيش العربي السوري يسترجع ارضا مقهورة منذ سنوات، يستكمل بها وطنا لا يعيش على الأمل وحده بل على الزنود السمر من ابناء جيشه المظفر .. اذ لم يعد في سوريا من حالمين، بل من قادة وقوى تتحرك داخل آلياتها وفي الفضاء، وحين تترجل تعلن قبضتها على المكان.
قال لي مسؤول عسكري على الهاتف، وكان صوته قادما من دمشق،إنها اللحظات الحميمة التي تتعانق فيها اجزاء الوطن بعد غربة عن بعضها طال وقتها .. كلام جميل لمشهد يتكون في المخيلة كي يكون درسا على الأرض. فبقدر أهمية كل ذرة تراب من القنيطرة ومساحاتها، تكمن الأهمية القصوى للجولان الذي يتبع للقلب السوري، وهو الموجود في الحشاشة، وحين سئل الرئيس الراحل حافظ الأسد عن موقعه بالنسبة لسوريا قال انه ليس على الحدود بل في وسط سوريا، ولأنه كان قائدا عروبيا كالرئيس بشار، تصبح لسوريا جغرافيتها الأكبر والأوسع، فتكون لبنان والشام وفلسطين والأردن.
معركة الجنوب السوري ستغير المشهد منذ اليوم وصاعدا، اذ لن يكون لإسرائيل ما اعتادت ان تفكر بربحه على حساب الوطن الأم وهو يعيد جمع أجزائه التي بعثرها الوقت لكنها ظلت سورية المنى والهوى والفؤاد، فالأحرار في قيادة بلاد الشام يملكون من الوعي القومي ما يتيح لهم ان ينتصروا وطنيا، والشعوب في تلك البلاد يظل يربطها ذلك الوجد الذي لا يجيد تفسيره بعض أبناء جلدتنا الذين فكروا سهولة تلك المنطقة فإذا بها مجمع للقوة التي لم تفهم جيدا.
يقينا ان الجيش العربي السوري لم يتقدم في خطوته التاريخية الا بعد ان استكمل تجربته المرة التي حولته الى أبرز جيوش العالم وأمهرها في القتال .. فإذا اضفنا له قوة المقاومة سواء اللبنانية او غيرها، نكون امام انصهار الوحدة الجغرافية التي لن يستطيع لا الاسرائيلي ولا غيره من الاقتراب منها . وهنا مكمن الحقيقة، وسر النصر، ومسرح العزيمة، بل هنا صورة كثيرا ما انتظرنا تظهيرها وقد جاءت في التوقيت الذي غيّر وبدل وأعاد جزءا من العرب الى هويتهم الصارخة في وحدتها.
شهداء القنيطرة ترسم أرواحهم شوقهم الى ما استشهدوا من أجله، فباسمهم كل هذا الطوفان من الانتصارات، وباسم كل الشهداء الكبار ستظل المواعيد مفتوحة على مصراعيها حتى الخلاص التام.