[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تتصدر أخبار العراق نشرات الأنباء في الفضائيات والإذاعات، ولا يمر يوم دون أن تحفل صحف المنطقة والعالم بأخبار مأساوية قادمة من أرض بلاد الرافدين.
تتشابه العناوين لكن الرؤوس المقطوفة تختلف، فمن لفظ انفاسه الأخيرة يوم امس لا أحد يسأل به، لأن آخرين ساروا بذات القافلة في صباح وظهيرة وعصر ومساء اليوم اللاحق، ولأن الجميع يدركون أن القافلة لا تتوقف وأن رحلتها المرعبة تواصل خطواتها بثقة وبتصميم كبير على المضي قدما في خطواتها، ولأن الكثيرين يعرفون أنهم ليسوا بعيدا عن آلة القضم اليومية، فمن سار بطريق قد يلتحق فورا بالقافلة ومن يذهب لعمله مشمول بذلك، ومن يقبع خلف القضبان بدون سبب قد يسقط تحت التعذيب الوحشي الذي يتعرض له آلاف المعتقلين في مئات السجون السرية والعلنية.
عندما تصمت الانفجارات في بغداد لساعات يتعلق الناس بقشة ويقولون بدأ الوضع الأمني يتحسن، لكن انفجارا قاتلا قد يحصل في أي مكان قبل أن يكمل الشخص جملته، ويردد آخرون أن عمليات الاختطاف البشعة قد تراجعت دون أن يكونوا واثقين من أنهم قد يكونون الهدف اللاحق لعصابات الاختطاف التي يمتليء بها العراق.
ليس هناك نسبة في عراق يغرق يوما بعد الآخر بين الذين يزورون المستشفيات لأغراض العلاج التقليدي وبين الذين يصلون يوميا المشافي من قتلى ومصابين، وقد يحتل العراق المرتبة الاولى في اعداد المعاقين بمختلف انواع الاعاقة، بتر الاطراف وفقء العيون وفقدان البصر وتشوه في الوجه وبقية اجزاء الجسم، يضاف إلى الاعاقات النفسية التي تحتاج إلى دراسات موسعة للتعريف بها والتعرف على اخطارها الحالية والمستقبلية.
بيوت تتفجر في كل يوم وعوائل تتشرد ومزارع تُحرق واناس يختفون، في سلسلة تنهش العراق من كل جهة ومن كل مكان، جسور تخرب وشوارع تُدمر وبنايات تهوي وعراق يتحطم بطريقة ممنهجة وبأساليب متعددة.
ليس ثمة خبر واحد يأتي من العراق يحمل بين طياته اشارة واحدة تشي بتغيير إلا تلك التي تؤكد أن باخرة العراق تسير صوب اعماق الدمار والخراب، وبينما يتراجع كل شيء في بلاد الرافدين بطريقة مخيفة ، فإن الجهة الوحيدة التي تصلها اخبار مختلفة تماما هي طبقة الحُكّام في البلد وكبار المسؤولين، فالثروات تزداد وعواصم عربية وعالمية تتحدث عن ثراء هؤلاء الذي لا يصدق، ولا يفكر هؤلاء إلا بما يكنزون، ولأن السفينة كلما اوغلت صوب الغرق فإن الفرص تكون متاحة اكثر لهؤلاء لتحقيق رغباتهم الشخصية ، فإنهم يحرصون على الإبقاء على عراق يغرق.