[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
تحتاج المعارك التي يخضوها الجيش العربي السوري ليس إلى دراسة، بل إلى المخفي من المخاوف التي لم تخبئها إسرائيل وهي تتابع سقوط "عناصرها" أولئك الذين ربتهم على أن نفوذها لا يمكن تجاوزه .. فإسرائيل إذن تخاف من: عودة الجيش العربي السوري إلى سابق عهده يوم كان وجها لوجه مع قواتها .. وأن تفرض عليها ظروف تقدم الجيش العربي السوري إلى إيواء المئات من المسلحين. والأهم من كل هذا، أن تصبح منطقة القنيطرة امتدادا للجبهة الجنوبية اللبنانية أي لوجود حزب الله، فتكون الجبهة الشمالية وجبهة الجولان في وضعية التفاف على قواتها.
المعارك المستمرة في الجبهة الجنوبية السورية أيضا تحدٍّ كبير لتلك الغرفة السوداء التي كانت تحرك المسلحين في درعا وفي غيرها، إنها ضربة عصافير بحجر واحد كما يقال، ولكم كان الصمت السوري مهما خلال مراحل الأزمة، ثم فاجأ الجميع أولا بقوة النيران الهائلة، وثانيا بسرعة التقدم، وثالثا بالكفاءة القتالية التي صارت لها روحية متقدمة لدى الجيش ومن معه من مقاومة.
المعلقون الإسرائيليون يسودهم الاضطراب كلما سمعناهم يتحدثون عن معارك الجيش العربي السوري، كأنه أسقط في يدهم، أو هم خائفون من المشهد الجديد، ومما يختبئ خلف الصور المرئية، فالكل متشوق لمعرفة ماذا يخبئ السوريون، وإلى أين سيصلون، وما هو المدى الموضوع للمعركة، وهل ثمة قطبة مخفية فيها غير ملحوظة إلا عند لحظتها؟
ربيع القنيطرة جاء باكرا هذا العام، مع أن بياض ثلوج المناطق التي تجري فيها المعارك، توحي بالأمل وتعطي نبضا للجيش المتفوق، المتماسك، صاحب القدرة العنفية الوطنية في ترجمة حاله للآخر، مهما كان ذاك الآخر الذي يتابعه بدقة، ويقرأ خطواته بعناية، وتراه يخاف من كل نقلة من نقلاته كي لا تجره إلى التدخل، وهو يعرف مدى الكامن في أي خطأ قد يرتكبه، فالجيش عندما يكون في حالة الهجوم المباغت يمكن له أن يكبر مساحة عملياته دون إبطاء.
عندما سألت عن معارك القنيطرة لألقى جوابا من مختص، سمعت كلاما مهما يقول لأنها في مواجهة إسرائيل فقد أخذت الشكل الذي يليق بها كوننا نعرف أن من نقاتل هو الإسرائيلي سواء المباشر أو غير المباشر، فهو المحرك والداعم والمخطط والذي يقدم الخبرات إلى من ظنوا أن أيامهم ستطول حيث أقاموا وهم أفسدوا المكان والزمان .. ثم إن الجيش العربي السوري أراد أن يفهم أصحاب الغرفة السوداء وكل أهل الغرف المماثلة أن المسألة الوطنية ليس أمامها أية عقبات، وأن جيشا عقائديا كهذا الجيش لا يهاب أبدا أن تصل به الأمور إلى النهايات مهما كانت نوعيتها حتى لو صداما مع الإسرائيلي.
يصنع الجيش العربي السوري ربيعه الدائم عندما يتقدم ويتحرك وينفذ .. ليس من قوة تعانده أو تقف في وجهه، هو الوحيد الذي يملك قدرة الفعل والحسم كما أنه الوحيد الذي إن أراد فعل .. انكفأ المسلحون الإرهابيون أمامه، كانت لهم خطط فعطلها الجيش إن لم يكن قضى عليها تماما، كانت لديهم ظنون أنهم يختبئون في كنف الإسرائيلي، فمحا الجيش العربي السوري الفكرة من أساسها دون حساب للحضن الذي يجلسون فيه.
سيزهر هذا الربيع بعد أيام عن العديد من المفاجآت ولننتظر أين سيقف جنزير أول آلية سورية.