لم تزل النهضة العُمانية تمضي بخطًى وئيدة وثابتة، كما أطلقها القائد المؤسِّس المغفور له بإذن الله تعالى صاحب الجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد (رحمه الله)، وكما أدامها وشدَّ من عزمها القائد المطوِّر، حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق (حفظه الله ورعاه)، وذلك بتعجيل وثاب لمستقبل واعد، مستقبل قد لا تحظى به العديد من دول وشعوب العالم المكافئة لقدرات وثروات سلطنة عُمان الظافرة.
لقد برهن العقل القيادي العُماني على كفاءته وعلى حكمته، ناهيك عن تقديره الصائب لإمكانات الأرض ولطاقات السواعد العُمانية السمراء التي أطلقت النهضة قبل عدة عقود، ليس من أجل أن تتوقف في نقطة ما، وإنما لتبقى عجلتها تدور إلى أمام، كما تحقق ذلك عمليًّا وعلى نحو منظور، درجة استقطاب إعجاب الأشقاء العرب بين الخليج العربي والمحيط الأطلسي، بل وتقدير وإطراء أصدقاء سلطنة عُمان عبر العالم.
أما الحديث عن “النهضة”، مجرَّدًا، فلا يشبع من جوع ولا يقدم ما يشد على أيدي العُماني عمليًّا، ذلك أن هذا الحديث المجرَّد لا يمكن أن يكون مقنعًا ومفيدًا بحقٍّ، دون استحضار القرائن المنظورة واستمكان المنجزات المحسوسة التي توالت تترى من البدايات المبكرة للنهضة، أوائل سبعينيات القرن المنصرم، حتى هذه اللحظة من القرن الجاري على نحو تيار جارٍ لا ينقطع تدفقه، يُشكِّله الأمل والتفاؤل اللذان خدما دومًا عمودًا فقريًّا لكينونة النهضة بعد أن غدت مدعاة للتفاخر والاعتداد، ليس لأهلنا العُمانيين فحسب، ولكن كذلك لجميع العرب والمسلمين.
قد لا يحتاج المرء من الشواهد الرقمية العصية على الفهم الكثير كي يرى ما أحرزته مسقط الزاهرة من تقدُّم، بقدر ما يحتاج إلى الصورة لإلهام النَّفْس والآخرين ولبث مشاعر الاعتزاز والتفاخر في نفوس العُمانيين أنفسهم وفي نفوس أشقائهم: فلولاهم لم تكن القيادة الرشيدة لتقدم على ما يبهر الناظر ويثلج قلب المُحب من إنجازات: العُمانيون (شعبًا) كانوا دائمًا وأبدًا المَعين الذي لا ينضبُ من الطاقة المحرِّكة لتدوير عجلة التقدُّم من ميادين الصناعة والإعمار، إلى حقول الزراعة والري واستصلاح الأراضي وترويض الجبال، ناهيك عن الصناعات الواعدة، وعن الحركة العمرانية التي أحالت المدن العُمانية إلى واحات للثقافة وللتقدُّم والاستنارة، إذ تتوجه العقول العربية، والعالمية الذكية إليها بهدف الإسهام في النهضة العُمانية، بل والاستثمار بآفاقها الواعدة التي يشهدها العالم بأسره وهي تتلألأ متوهجةً على الأفق.

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي