لا يبدو العدوان الإرهابي الغاشم الذي شنَّه طيران الحرب الصهيوني على المنطقة الوسطى والساحليَّة السوريَّة والذي أودَى بحياة أربعة عسكريين، خارج سياق المُخطَّط الإرهابي الذي يستهدف سوريا، وإنَّما هو يظلُّ جزءًا أساسيًّا من هذا المُخطَّط، وجاء عدوانه الإرهابي لِيؤكِّدَ هذه الحقيقة، وأنَّه الراعي الرئيسُ له والجاني الأوَّلُ لثماره وأهدافه، وأنَّ ما حوله من قوى، تشاركه جريمة تنفيذ المُخطَّط، ينبغي عليها أنْ لا تختفي من المشهد التآمري، وأنْ لا يفترَ حماسُها عن مواصلة تفتيت الدولة السوريَّة، وتمزيق نسيجها الاجتماعي بفعل التطوُّرات الناتجة عن تداعيات الصِّراع الأطلسي ـ الروسي على الأرض الأوكرانيَّة.
إنَّ هذا العدوان الإرهابي هو أحَدُ العناوين الثابتة التي أراد بنيامين نتنياهو ـ العائدُ إلى السُّلطة توًّا ـ أنْ يؤكِّدَها للعالَم أجمع أنَّه لا رجعة عن هذا العمل الإجرامي، وأنَّ الحكومة الجديدة للاحتلال الصهيوني المُكلَّف بتشكيلِها لَنْ تكُونَ شاذَّةً عن سابقاتها رغم ما يشهده العالَم من تطوُّرات وأزمات متسارعة، سواء على صعيد الطاقة أو على صعيد التضخُّم على خلفيَّة المواجهة الجارية بَيْنَ حِلْف الناتو وروسيا الاتحاديَّة على الأرض الأوكرانيَّة؛ أيْ أنَّ الإرهاب وجرائم الحرب والتطرُّف والاستعمار الاستيطاني وانتهاك المقدَّسات الإسلاميَّة، والإعدامات الميدانيَّة، ونَسْفَ المنازل على رؤوس الفلسطينيين، وجرَّ دوَلٍ لجريمة التطبيع، وعدم الاعتراف بحقِّ الشَّعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينيَّة المستقلَّة وعاصمتها القدس، وعدم الاعتراف بحقِّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة، وعدم الاعتراف بحقوق الأسرى القابعين في سجون الاحتلال، كلَّ ذلك هو سياسة إسرائيليَّة ثابتة.
اللافت أنَّ العدوان الإرهابي الإسرائيلي الذي استهدف سوريا تزامَنَ مع استهداف ناقلة نفط يملكها رَجلُ أعمال إسرائيليٌّ في المياه الدوليَّة القريبة من بحر عُمان، والذي أشار كيان الاحتلال الصهيوني بأصابع الاتِّهام إلى الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة التي بدَوْرِها نفَتْ ضلوعها وعَدَّته مسرحيَّة من مسرحيَّات العدوِّ الإسرائيليِّ وافتراءاته.
وأيًّا كانت الظروف المحيطة بهذا العدوان، إلَّا أنَّها لا تنفي عنه صفة الإرهاب وانتهاك سيادة الدولة السوريَّة، ما يُعطيها حقَّ الردِّ بما لدَيْها من وسائل، الأمْرُ الذي تفهمه الولايات المُتَّحدة وتَعِي جيدًا عواقبه، والذي دفَعَها إلى إعلان حالة التأهُّب والاستنفار في قواعدها غير الشرعيَّة في سوريا، وقواعدها في العراق، مع اليقين التامِّ بأنَّ الردَّ قادم لا محالة كمَا في كُلِّ مرَّة، خصوصًا وأنَّ الذَّكاءَ السُّوري، وهو يعلَمُ أنَّ الظروف في الوضع الحاليِّ لا تخدمه كثيرًا، قد عرف أنَّ ضربَ الأفعى على رأسِها أشدُّ إيلامًا من ضرْبِها على ذَيْلِها، وهذا ما سيحدث، عندما يتلقَّى رأسُ الأفعى الضربة المُوجعة، حينها سنرى أثَرَ ذلك على ذَيْلها والحدِّ من عربدته وحركته في دمشق وحلب والشعيرات والسواحل في سوريا.

خميس بن حبيب التوبي
[email protected]