تتبارى المنظَّمات الحقوقيَّة العالميَّة والأمميَّة بالحديث عن حقوق الأطفال، وتُجرِّم التعدِّي على أبسط هذه الحقوق، وتفرض العقوبات على الدول التي تعتدي على تلك الحقوق، إلَّا دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تؤكِّد يومًا بعد يوم أنَّها خارج إطار القانون الدولي، حيثُ إنَّها تقتل أطفال فلسطين وتستهدفهم بدمٍ باردٍ في إعدامات ميدانيَّة خارج إطار أي قانون إنساني، وسط صمْتٍ دوليٍّ يرفض مجرَّد الحديث عن معاقبة تلك الدولة المارقة عن جرائم الحرب التي ترتكبها ضدَّ أبناء فلسطين العزَّل. فهذا الكيان المحتل الغاصب لا يكتفي بما يمارسه من حصار وعدوان، يحرم أطفال فلسطين من حقوقهم الأساسيَّة كافَّة، بلْ يواصل إجرامه ويقتل ويعتقل وهو يدرك عدم وجود حساب.
ولعلَّ انضمام الطفل فلسطيني أحمد أمجد شحادة (16 عامًا) لقافلة الشهداء، وإصابة (22) آخرين خلال اقتحام قوات دولة الاحتلال الإسرائيلي لمدينة نابلس الفلسطينيَّة؛ تمهيدًا لاقتحام المستوطنين، يُوضِّح الاستهداف المتعمَّد والنيَّة المبيَّتة لقتل أطفال فلسطين، لتكون حصيلة العام الجاري فقط من الأطفال الشهداء حوالي (57) شهيدًا، ما يؤكِّد أيضًا أنَّ هذا التخطيط الصهيوني الإجرامي لم يكتفِ باستهداف ماضي وحاضر أبناء فلسطين، بلْ إنَّه يسعى إلى تدمير المستقبل، لسرقة ما تبقى من الأراضي الفلسطينيَّة عَبْرَ الإرهاب الذي يشاهده العالم في صمْتٍ مُريب، دُونَ أنْ يحرِّك ساكنًا، أو يسعى لتطبيق قوانينه التي يتشدق بها، خصوصًا المتعلقة بحماية حقوق الأطفال، وعدم الاتجار بهم.
إنَّ هذا النَّهج الإجرامي الإسرائيلي، الذي يسعى، عَبْرَ رصاص الحقد والعنصريَّة، إلى حصد المزيد من الأرواح الفلسطينيَّة البريئة، لَنْ يتوقف طالما هذا التواطؤ العالميُّ لا يزال مستمرًّا، فالخطوة الأولى لوقف هذه الوحشية الإسرائيليَّة والبطش بالأطفال ألَّا تمُرَّ دُونَ محاسبة، وعلى العالم أجمع التحرُّك فورًا لحماية أطفال فلسطين المدنيِّين العُزَّل، وأنْ ينهضَ بمسؤوليَّاته في حماية الدَّم الفلسطينيِّ النازفِ، الذي يسيل بفعل جرائم الحرب لحكومة دولة الاحتلال الفاشية بالدَّرجة الأولى، التي باتت خارج إطار المحاسبة، بفضل الحماية التي توفرها الدوَل الغربيَّة وحلفاؤها، وهي حصانة بات يتمتع بها المُجرِم للإفلات من العقاب ومواصلة إجرامه، ويدفع ثمنَها أطفال فلسطين دُونَ ذنْبٍ أو جريرةٍ ارتكبوها.
فهذا الصَّمتُ والتقاعسُ الدوليُّ والتواطؤ لَنْ يكُونَ في صالح الأمن والسَّلام العالميِّ. فقضيَّة فلسطين، وما يرتكبه الكيان الصهيوني الغاصب من جرائم، سيُشعل المنطقة بأسْرها وسيرتدُّ أثَرُه على العالم بأسْره، فالشَّعب الفلسطينيُّ لَنْ يبقى مكتوفَ الأيدي أمام هذا الظُّلم والمجازر الإسرائيليَّة. فكافَّة القوانين الدوليَّة تُعطيه الحقَّ في الذَّود عن حقوقه الخالدة ومقدَّراته بكافَّة السُّبل والوسائل المُمكِنة. ورغم صموده السِّلمي والحفاظ على السَّلام كخيار رئيسٍ له، إلَّا أنَّه نخشى أنْ ينفجر الغضبُ تحت وطأة هذا الإرهاب الإسرائيلي المُمنهج، فالأكيد أنَّ أبناء فلسطين سيتمسَّكون بأرضهم وحقوقهم ذات المرجعيَّة الدوليَّة، ولَنْ تزعزعهم سياسة الإرهاب الإسرائيلي، بلْ إنَّها ستزيدهم إصرارًا وإقدامًا نَحْوَ التحرير والدفاع عن الوجود والأرض.