[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
يواجه منتقد الأوضاع في العراق إشكالية كبيرة لأن حجم الخراب والتخريب المتواصل يجعل المرء عاجزا عن الإتيان بجديد، فإذا قلت إن التعليم في بلاد الرافدين يخطو نحو الخلف يوميا خطوات مؤلمة، سرعان ما تجد من يقول لك وما الجديد في الأمر وهذا ينطبق على جميع مناحي الحياة في بلاد الرافدين.
واعتقد أن مثل هذا الرد الذي يردده العراقيون على مختلف الصعد والمستويات يشير إلى خراب مستفحل ويأس من اصلاح الاحوال، ويقف وراء ذلك عاملان رئيسيان، هما:
العامل الاول: أن مسلسل الخراب والتخريب في العراق قد تكرس بصورة ممنهجة، فأصبح السوء هو العنوان في مفاصل الادارة بكل مكان، لدرجة أن الناس قد يتحدثون في مجالسهم لايام طويلة في حال صادفتهم حالة ايجابية، رغم أن السياق الطبيعي يفترض أن تكون مثل هذه الحالة هي السائدة وخلاف ذلك يدخل ضمن وصف الشذوذ الاداري أو المالي، وما يعزز تلك القناعات السلبية الإتيان باصحاب الولاءات الحزبية والفئوية والطائفية، ليتسلموا المواقع الادارية في مختلف الدوائر، ويجمع العراقيون على أن الغالبية العظمى من هؤلاء لا علاقة لهم بالتخصصات التي يشغلوها، ما يضع الكثير من المؤسسات في مهب الريح وأصبحت عرضة للتلاعب بكل شيء فيها، في حين يتم اركان الكفاءات والخبرات المتراكمة وأصحاب الشهادات التي حصلوا عليها من جامعات عريقة على الرف.
العامل الثاني: التقادم الزمني في عملية ابعاد الكفاءات واحلال اصحاب الولاءات الذين في اغلب الاحيان لا يحملون المؤهلات العلمية والخبرات الميدانية التي تعطي زخما إداريا للشخص الذي يتبوء موقعا إداريا أو علميا، وعندما نتحدث عن حقبة زمنية زادت على العقد من الزمن وبرنامج ابعاد الكفاءات متواصل وعلى الطرف الاخر يستمر منهج الإتيان باصحاب الولاءات حتى لو كانوا يحملون عناوين ادارية وعلمية، وهنا نصطدم بمعضلة قد لا يتنبه إليها البعض وربما الكثير من المتابعين لكارثة العراق، إذ قد يقول البعض أن فلان الفلاني يحمل شهادة ولديه الخبرة، لكن الاخطر في الامر أن صاحب الشهادة والخبرة وافق على ذلك وهو الفرح المبتهج بالمنصب والمسؤولية ليس ضمن سقف العراق وكفاءاته وإنما تحت عنوان الطائفة أو الفئة والقومية، وهذا لوحده ينزع عنه الخبرة والكفاءة لأنه يأتمر بالمرضى من الطائفيين والمناطقيين والفئويين.
إن مراجعة سريعة لكل ما جرى في العراق منذ اكثر من عقد من الزمن تكشف الكثير من التخريب المبرمج والممنهج للعراق من خلال ابعاد كفاءاته وإحلال بدلاء تحت عناوين ومسميات يعرفها العراقيون، وللأسف اصبحت جزءا من سياقات الادارة العراقية.