ما زالت جهود رئيس “الحكومة الإسرائيلية” المُكلف، بنيامين نتنياهو، تتعثر في مساعيه الهادفة إلى الإسراع في تشكيل حكومة هي السادسة التي يُشكلها. وذلك في ظل التخبط في المفاوضات الائتلافية، الأمر الذي قد يرجئ توصله إلى اتفاق ائتلافي مع شركائه من الحريديين التوراتيين وتيار “الصهيونية الدينية”. وذلك على العكس مما افترضه الجميع، بناءً على فوز معسكره بـ(62) مقعدًا في الانتخابات الأخيرة للكنيست، من أنها ستكون مسألة سهلة ومحسومة.
وبالتقدير، فإن بنيامين نتنياهو يعمل على تشكيل الائتلاف الوزاري، بتلكؤ محسوب من طرفه يستهدف، بدايةً، ترويض “المتنمرين” داخل حزبه ومن مثلهم في سائر الأحزاب الحليفة، التي انبرى بعض قادتها “المتنمرين” بفرض شروط مغالية وتحديد للوزارات، والفوز بغنائم وزارية لهم ولأحزابهم. وعندها سيختار بنيامين نتنياهو لحظة الحسم وسيعلن عن نجاحه بإقامة حكومة بعد أن يكون قد أنهك جميع محاوريه وأظهر، في ذات الوقت، لحلفاء “إسرائيل”، خصوصا للإدارة الأميركية، أنه وصل إلى خط النهاية بعد أن بذل كل الجهد من أجل تبديد مخاوفهم، حيال إمكانية توزير النائبين من “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموتريتش، وايتمار بن غفير رئيس حزب “عوتسما يهوديت” الفاشي، في موقعي وزيري الدفاع (الحرب)، والأمن الداخلي.
إذًا، ما زالت المفاوضات الائتلافية تراوح مكانها، فهناك تحفظ من قبل حزب الليكود على طلب بتسلئيل سموتريتش رئيس حزب “الصهيونية الدينية” بتولي إحدى الحقيبتين الوزاريتين المهمتين في دولة الاحتلال الإسرائيلي: الأمن أو المالية، في ظل طلب رئيس حزب “شاس” التوراتي الحريدي، أرييه درعي، بتولي حقيبة المالية. ووجود حالة من الرفض الواسع الذي عبر عنه مسؤولون في الأوساط الأمنية من إمكانية تعيين سموتريتش وزيرا للأمن، فضلًا عن التحفظ الأميركي، فالإدارة الأميركية أدخلت رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، إلى أزمة بما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة، عندما حذرت من أن الولايات المتحدة لن تعمل مع وزارات يتولاها رئيس الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش، الذي يطالب بحقيبة الأمن، ورئيس حزب “عوتسمايهوديت” الفاشي، إيتمار بن غفير، الذي يطالب بحقيبة الأمن الداخلي. واللذين طرحا على نتنياهو “إدراج سن قانون عقوبة الإعدام للإرهابيين”، في إشارة إلى النشطاء الفلسطينيين من أعضاء المقاومة. وهو ما وصفه المراقبون في “إسرائيل” بأنه “تحدٍّ لنتنياهو وحزب الليكود”.
فالمفاوضات بين الليكود وشركائه من الحريديين والصهيونية الدينية لن تحرز تقدمًا سريعًا، طالما لم تحل المسائل العالقة بشأن الحقيبتين الوزاريتين الأهم في “الحكومة الإسرائيلية: الأمن والمالية”. وحتى ذلك الحين سيواصل اليمين المتطرف و”الصهيونية الدينية” برفع سقف مطالبهما ووضع شروط إضافية في محاولة للضغط على نتنياهو للقبول بما هو مطروح من قبلهما. رغم أن نتنياهو يحاول حاليًّا الفصل بين حزب “الصهيونية الدينية” وحزب “عوتسما يهوديت” في المفاوضات الائتلافية (وهما مُكوِّن واحد) بكل ما للكلمة معنى، لكنه لن ينجح في ذلك على ما يبدو، فقد أوضح ايتمار بن غفير لنتنياهو أنه لن ينضم إلى الحكومة من دون بتسلئيل سموتريتش.

علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]