أغلقوا أبواب منازلكم، فذلك أفضل من منع حيواناتنا السائبة من دخولها.
موضوع الحيوانات السائبة، تحديدا الأغنام وهي تسرح وتمرح بين المنازل وفي الشوارع العامة أصبحت مسألة تؤرق الكثير من أبناء المجتمع. وللأسف الشديد، ورغم وجود القوانين، إلا أنها ما زالت مستمرة وفي تزايد. لذا يجب أن تقف عليها الجهات ذات الاختصاص، وأقول تقف عليها بالحلِّ الحاسم والحازم؛ لأنها تسببت بالكثير من الخسائر في الممتلكات والأرواح.
القوانين وحدها لا يمكن أن تحلَّ المشكلة إن لم تُساند بمتابعة ورقابة، ومطالبة أصحاب المنازل بالإمساك بتلك الحيوانات لو دخلت منازلهم وإيوائها حتى تأتي المركبات المختصَّة بالبلديات أيضا فكرة لها حساسيتها وسلبياتها الاجتماعية، هذا إذا ما أضفنا إلى ذلك أن التواصل مع الجهات المعنية قد يأخذ وقتا طويلا، وأحيانا أخرى ـ مع الأسف ـ لا أحد يرد على الهاتف، ويأتي أصحاب الأغنام للدخول في مشاجرات مع أصحاب المنازل نتيجة القبض على حيواناتهم السائبة.
الإشكال ليس في قيام البعض برعي أغنامه أو حيواناته، فلعل هذا الأمر جزء من طبيعة المجتمعات الريفية أو النامية، ولا أتصور أن الأهالي أنفسهم يعترضون على ذلك في حال أخذ مالكو الأغنام احتياطاتهم مثل الرعي في الأماكن المقبولة والتي لا يؤدي الرعي فيها إلى انتهاك حقوق الآخرين أو الحقِّ العام، بالإضافة إلى وجودهم بالقرب من تلك الحيوانات، أو وجود راعٍ لها، المُهم أن لا يتسبب تركها بإحداث أضرار أو تلفيات أو حوادث مرورية.
الجهات المعنية بهذا النوع من القضايا التي تفاقمت في الآونة الأخيرة، وقد كثرت المطالبات والشكاوى حولها، مطالبة بإعادة النظر في السياسات والتوجيهات الخاصة بها، فمن غير المقبول أن تغلق أبواب المنازل لمدة 24 ساعة خوفا من دخول أغنام شخص لم يأخذ في الحسبان احترام القوانين وتدمير ممتلكات المواطنين، ولعل حيواناته تلك تتسبب في إزهاق روح، فالقانون لا يأمر الناس بإغلاق أبوابها تحسبا من وجود هذه الحيوانات، ولكنه يأمر مالكي هذه الحيوانات برعيها في الأماكن المخصصة وعدم تركها سائبة لتدمر الممتلكات الخاصة والعامة وتتسبب بخسائر في الأموال والأرواح.
المؤسف في الأمر أننا نمرُّ على الشوارع العامة فنجد مجموعات كبيرة تقوم بالرعي وحيدة دون رقيب، وكم من حادث مروري نتج عنه وفيات. فأين الجهات ذات الاختصاص؟ نجد مجموعات أخرى بين المنازل وهي تأكل الأشجار وفوق المركبات، فأين الجهات ذات الاختصاص؟
نعم المطلوب تفعيل دَوْر الجهات ذات الاختصاص، تكثيف الرقابة وتحمل المسؤولية، مرور مركبات الجهات المعنية بشكلٍ دوري في الأحياء السكنية وعلى الشوارع العامة، تعاون الجهات المعنية بحفظ الأمن والتنسيق بينها وبين البلديات في الإبلاغ عن تلك الحيوانات مثل دوريات المرور، وطبعا يفترض أن يكون هناك خط ساخن أو واتساب للإبلاغ الفوري وبكلِّ مهنية وسرية.
البلديات في المحافظات والولايات ـ وحتى نكون منصفين ـ تقوم بجهود بلدية تشكر عليها، وهو أمر لا مزايدة عليه، إلا أن استفحال موضوع الحيوانات السائبة، خصوصا الأغنام واستهتار بعض أصحابها بممتلكات الآخرين، وتأخر استجابة الجهات المعنية في الرقابة والمتابعة يحتاج إلى إعادة نظر. هذا بالإضافة إلى أهمية نشر الوعي والثقافة القانونية حيال هذا النوع من التجاوزات من الجوانب التي نتمنى جميعا تغطيتها ومعالجتها خلال الفترة القادمة، وكلنا ثقة بالجهات ذات الاختصاص بمعالجة هذه المشكلة التي يجب إعادة النظر فيها.


محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
[email protected]
MSHD999 @