مع اتِّجاه سلطنة عُمان نَحْوَ اعتماد اللامركزية نظامًا جديدًا لإدارة الملفات التنموية المختلفة، وما سيتبع ذلك من دَوْرٍ أوسع للإدارة المحلِّية، حيث سيكُونُ لكُلِّ محافظة دَوْرٌ أكبر في التخطيط التنموي، والعمل على إقامة مشاريع نابعة من الاحتياجات والمُقوِّمات التي تملكها كُلُّ محافظة، ما سيُمكِّن أبناء المحافظات من المشاركة الفاعلة في تحديد الأولويات، ما يعكس رؤية حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الهادفة لمدِّ روافد التنمية لكُلِّ رُبوع الوطن، وزيادة المخصَّصات الإنمائية بشكلٍ أعطى صلاحيات كبيرة للمحافظين في محافظات السَّلطنة المختلفة، ما سيُوجد نوعًا من المنافسة الحميدة بَيْنَ محافظات سلطنة عُمان، هدفها تحقيق أكبر قدْرٍ من المنجز، الذي سيُسهم بالتأكيد في تكاملية المشهد التنموي في البلاد.
ويُشكِّل إعلان وزارة الاقتصاد عن برنامج التنمية الخاص بمحافظة الداخلية، والمولود من رحم برنامج تنمية المحافظات والموازنة الإنمائية المخصَّصة، عن تنفيذ (47) مشروعًا بقيمة تقارب (10) ملايين ريال عُماني، يُشكِّل دفعة نَحْوَ تعزيز اللامركزية، وإضافة للبنية الأساسية. والملاحظ أنَّ المشاريع الجديدة التي تُنفِّذها كُلُّ محافظة تأتي في إطار المشروعات ذات البُعد الاجتماعي والعائد الاقتصادي، وأظهرت النهج الجديد الذي تعتمده روافد التنمية في البلاد، حيث تعكس المشروعات الجديدة في محافظة الداخلية الأولويات التي تسعى إلى تحقيقها الحكومة، وترتبط بالأولويات الذاتية لكُلِّ محافظة على حِدة. فبنظرة عامة عن المشاريع التنموية في محافظة الداخلية نجدها مشاريع تُمثِّل أولوية للمحافظة للتنفيذ خلال الأعوام القادمة للخطَّة الخمسية العاشرة.
إنَّ تلك الجهود التنموية تعمل على تمكين المشروعات الاستثمارية الكبرى، ومشروعات الشَّباب والمؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة في محافظة الداخلية، لتتكامل تلك الجهود مع السَّعي إلى تطوير المنطقة التجارية بالعلم، ومدينة سمائل الصناعية (مدائن)، ومشروع تطوير المنطقة التجارية بالمدرة بولاية سمائل، لِتكُونَ تلك المشاريع نواة تهدف إلى تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة تُعزِّز الميزة النسبية للمحافظات، وتُراعي البُعد المكاني للتنمية بجانب البُعد القِطاعي للقِطاعات الاقتصادية المختلفة، وهي خطَّة حيويَّة تسرع التحوُّل الاستراتيجي لتوجُّه الحكومة نَحْوَ اللامركزية، التي تُعدُّ من أفضل أدوات التنمية، ولها تجارب ناجحة في العديد من البلدان المتقدمة والنامية على حدٍّ سواء.
ويُعدُّ التوجُّه الوطني نَحْوَ اللامركزية، وفق التوجيهات السَّامية لجلالة السُّلطان ـ أعزَّه الله ـ إحدى الأدوات المهمَّة في تجديد شباب النهضة العُمانية المباركة، عَبْرَ منح المحافظات الاستقلال الإداري والمالي، وذلك وفق رؤية جديدة تُعطي المحافظات فرصة واعدة في التقدُّم لتنفيذ مشروعاتها الإنمائية بشكلٍ مباشر، بما يتوافق مع الأولويات الوطنية والبرامج الاستراتيجية للخطَّة الخمسية العاشرة، حيث يتمُّ العمل وفق النهج الجديد بشكلٍ تتكامل فيه الأدوات بَيْنَ احتياجات ومُقوِّمات كُلِّ محافظة، وبَيْنَ الرؤية الشاملة للتنمية الوطنية، وفق رؤية عُمان 2040، التي رُوعي عند وضعها الاحتياجات التنموية لكُلِّ محافظة؛ لأنَّها رؤية تشاركية كان لأبناء الوطن دَوْرٌ مُهِمٌّ في إعدادها.