تـفقَّد حقيبة نيَّاتك التي تقر في عقلك وتحرك تفكيرك وتدفعك إلى العمل والفعل، وما تحمله بداخلك من نيَّات هي الطاقة التي تدفعك باتجاه الحياة في مجالاتها المختلفة، حيث تنشأ النوايا من الرغبات والدوافع وتتأثر بأفكار الشخص واتجاهاته ومعتقداته، وتختلف من شخص إلى آخر وفقا للسن والتعليم والطموح ومستوى الثقة بالنفس وتقدير الذات.
وهناك نيات تشعل حماس الإنسان وتمنحه القوة وتحركه للأخذ بالأسباب واتخاذ القرارات والأفعال حتى تتحقق، بينما هناك نيات ضعيفة لا تكاد تظهر في عقل صاحبها حتى تنطفئ، وهناك نيات عظيمة وجليلة، وهناك نيات هزيلة وضعيفة، وهي معيار لمعرفة القيم التي يؤمن بها الفرد ويعيش لها.
ويمكنك أن تدرب نفسك على تفقد نياتك يوميًّا.
لا تخرج من بيتك بدون نيَّات ولا تذهب إلى أي مكان بلا نيَّات، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) يعلمنا إنما الأعمال بالنيات، ويعلمنا كذلك أن من همَّ بعمل ولم يفعله نال به أجرًا، ومجرد النية بعمل الخير تستوجب من الله الأجر والثواب.
فالنية هي البوصلة التي تحدد مسار الفرد في الحياة على المدى القريب وعلى المدى البعيد، ويمكن لطاقة النية أن تتجلى في مختلف مجالات الحياة وبأنواع مختلفة.
سيُدهش الإنسان عندما يضع نياته التي يرغب في تحقيقها على شكل أنماط فكرية إيجابية محددة ومختصرة وليست عمومية، يستخدم فيها صيغة الإثبات ويتجنب استخدام صيغة النفي أو كلمة (لا) ولتيسير تحقيق النيات يفضل أن تكتب النيات على شكل أهداف إجرائية واضحة ومحددة وتنبع من رغبة الشخص وتعبر عما يريده فعلًا وليس عما لا يريد، وأن يجعل كراسة نياته مجال تركيزه ونشاطه، ويمكنه أن يتعهد نيَّاته وفقًا لأهميتها في سلَّم أولوياته ثم يركز عليها بالتفكير والتخيل والعمل حتى تتجسد تلك النيات على شكل نتائج.
ووفقًا لهذه الاستراتيجية يستطيع الإنسان أن يشرع في تحويل أهدافه القريبة والبعيدة إلى نيات ثم يطلقها بالدعاء والصلاة والتأكيدات اللفظية ويدعمها بالتخيل والتصور الإيجابي الموجه والعمل من أجل تحقيقها.
وينصح علماء الطاقة الإنسان أن يختار مكانًا مناسبًا لإطلاق نياته، فالمكان يدعم ويعزز قوة النية أو يضعفها، فالمكان النظيف الهادئ البعيد عن الضجيج المنظم جيدًا الذي تراكمت فيه طاقة إيجابية كالمسجد أو غرفة خاصة بالخلوة والتأمل بحيث يجلس الإنسان في وضع مريح ويرسل نياته إلى الله موقنا بأن الله سيحققها. وتؤيد دراسات علمية منشورة من قبل علماء التأمل التجاوزي أن النيات الجماعية التي يلتقي من أجلها الناس كالتأمل الجمعي أو صلاة الاستسقاء أو الصلاة لكف الأذى وتخفيف حدة الأمراض من شأن ذلك كله أن يحدث أثرًا فعالًا ملموسًا في تخفيف المعاناة وخفض معدلات الجريمة والحد من الفقر وإنقاص فورة الحروب والكراهية.
إن الذين يحملون في عقولهم نيات عظيمة وسامية يجعلون الحياة جميلة ومعطاءة حافلة بالمعنى والإنجاز.
د ـ أحمد بن علي المعشني ✱
رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية