تُشكِّل هضبة الجولان السورية، التي يحتلها كيان الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967، إحدى أهمِّ القضايا العالقة على الصعيد العالمي، بالطبع مع القضيَّة الفلسطينيَّة، حيث يسعى كيان الاحتلال إلى فرض الأمر الواقع، وتطبيق قرار الضمِّ الذي اتِّخذه، والذي يخالف كافَّة القرارات الأُمميَّة، ويتعارض مع كافَّة العهود والمواثيق الدوليَّة. فالهضبة السوريَّة المحتلَّة عنوان رئيس؛ لِمَا تُشكِّله الخطوات الإسرائيليَّة التوسعيَّة من خطورة على الأمن والسِّلم في الإقليم، والاستمرار في حالة عدم الاستقرار، وتُشكِّل مع القضيَّة الفلسطينيَّة مفتاح الحلِّ لإقرار سلام عادل وشامل، ينطلق بالإقليم ودوله كافَّة نَحْوَ آفاق التعاون البنَّاء الذي سنجني ثماره في مُضيِّ قطار التنمية المستدامة نَحْوَ المستقبَل الذي تتطلع إليه الشعوب.
إنَّ حقَّ الدوَل في السِّيادة على كامل أراضيها حقٌّ أصيل لا يقْبَلُ القسمة، ولا يتأثَّر بدعاوى المُحتلِّ وإعلانه الضمَّ، أو محاولته التأثير على الوضع الديمجرافي، ولا يقْبَل التصويت عليه. فرغم تجديد الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة، واعتماد قرارٍ بأغلبيَّة الدوَل الأعضاء يطالب الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب الكامل من الجولان السوريِّ المحتلِّ حتى خطَّ الرابع من يونيو لعام 1967، تنفيذًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة، إلَّا أنَّ ربط تجديد القرار بالتصويت نراهُ خطوة يُجانبها الصواب، خصوصًا وأنَّ هناك تسع دوَل بَيْنها كيان الاحتلال رفضَت القرار، وهناك (65) دولة امتنعت عن التصويت، وهو مؤشِّر خطر يطرح تساؤلات مشروعة.
فإذا جاء التصويت رافضًا للقرار، الذي ينصُّ على أنَّ قرار “إسرائيل” في الـ14 من ديسمبر 1981 بفرض قوانينها وولايتها على الجولان السوريِّ المحتلِّ، ملغيّ وباطل وليست له أيُّ شرعيَّة على الإطلاق على نَحْوِ ما أكَّده مجلس الأمن في قراره رقم 497 لعام 1981، ويطالب “إسرائيل” بإلغائه وبالانسحاب الكامل من الجولان السوريِّ المحتلِّ حتى خطَّ الرابع من يونيو لعام 1967، تنفيذًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة، فهل يسقط هذا التصويت الحقَّ السوريَّ في تلك الأراضي المحتلة؟ صحيح أنَّ تصويت أغلبيَّة الدوَل الأعضاء لمصلحة مشروع القرار يُعبِّر عن التزام هذه الدوَل بمبادئ القانون الدوليِّ وميثاق الأُمم المُتَّحدة، وحِرص تلك الدوَل على رفع الظلم عن الشعوب الرازحة تحت الاحتلال ودعمها لنَيْل حقِّها في التحرُّر منه.
إلَّا أنَّ طرح الأمْر على التصويت في حدِّ ذاته يعطي كيان الاحتلال الإسرائيلي أملًا في اكتساب المزيد من الوقت لتنفيذ ما يُخطِّط له، فعلى المُجتمع الدوليِّ والدوَل التي صوَّتت لتجديد هذا القرار المُهم، العمل على وضْعِ آليَّة تعاقب ذلك الكيان المارق المُتحدِّي لكافَّة القوانين الدوليَّة، والعمل بشكلٍ جماعيِّ على فرض عقوبات عليه تُجبره على إعادة الحقوق إلى أصحابها. فتعنُّت “إسرائيل” ورفضها لتنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصِّلة يؤكِّد حالة العجز غير المقبولة للأُمم المُتَّحدة في إلزامها بإنهاء احتلالها للجولان، وذلك جرَّاء الحصانة من المساءلة التي يوفرها حلفاء “إسرائيل”، والدعم غير المحدود لها داخل الأُمم المُتَّحدة وخارجها، الأمْر الذي شجَّع سُلطات الاحتلال على مواصلة ممارساتها العدوانيَّة.