يُعدُّ القِطاع الصحِّي من أحَدِ أهمِّ القِطاعات التي عملت سلطنة عُمان منذ انطلاق نهضتها المباركة على ديمومة تنميته، ورفعت شعار الصحَّة حقٌّ لكُلِّ مواطن، وتوسَّعت رأسيًّا وأفقيًّا لتقديم خدمات صحيَّة لكافَّة أبناء عُمان في كافَّة رُبوعها.
ومع التطوُّر الذي شهده القِطاع الصحِّي على المستويين المحلِّيّ والعالميِّ، وسعيِ السَّلطنة وفق توجيهات حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى تجديد شباب النهضة المباركة وفق المعطيات الجديدة، خصوصًا في القِطاع الصحِّي، فقَدِ احتلَّ هذا القِطاع الأولويَّة الثَّانية في رؤية عُمان 2040م، والتي تعمل على إقامة نظام صحِّي رائد بمعايير عالميَّة بمشاركة جميع الفاعلين من القِطاع الحكوميِّ والقِطاع الخاصِّ والمُجتمع المدنيِّ.
ولعلَّ تحقيق تلك الأهداف والخطوط العريضة المتضمِّنة في الرؤية والخاصة بالقِطاع الصحِّي يحتاج إلى برامج تنفيذيَّة تلبِّي الطموح، وتسعى إلى تقديم خدمات صحيَّة ذات جودة عالية. ومن هذا المنطلق، جاءت أعمال “مختبر الاستثمار في القِطاع الصحِّي” الذي تُنفِّذه وزارة الصحَّة وبدعمٍ من “وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040” بالتعاون مع البرنامج الوطني للاستثمار وتنمية الصادرات “نزدهر” بمشاركة أكثر من 95 مشاركًا ويستمر 4 أسابيع؛ بهدف تطوير الاستثمار في القِطاع الصحِّي من خلال حلحلة التحدِّيات، والعمل على تبسيط الإجراءات، وتوفير بيئة ممكنة وجاذبة للاستثمار ما سيُحقِّق الهدف الاستراتيجي للمختبر للإسهام في رفع الاستثمارات وحجم الصادرات بالقِطاع الصحِّي.
إنَّ تلك الجهود التي تسعى إلى جذب الاستثمارات نَحْوَ القِطاع الصحِّي، ما يعني توسيع مشاركة القِطاع الخاصِّ في هذا القِطاع المُهمِّ والحيَويِّ. فتطوير القِطاع ووصوله للأهداف المنشودة يحتاج لطُرقٍ مبتكرة قادرة على إيجاد مصادر تمويل متنوِّعة ومستدامة للنِّظام الصحِّي، تعمل على تطوير المنظومة ككُلٍّ، وتُمكِّن الكوادر والقدرات الوطنيَّة المؤهَّلة لِتكُونَ رائدةً في البحث العِلميِّ والابتكار الصحِّي، وتوفير أنظمة وخدمات طبيَّة تقنيَّة، ورعاية صحيَّة وقائيَّة وعلاجيَّة ذات جودة عالية بجميع مستوياتها. ويُمثِّل الاستثمار مفتاحًا لهذا التطوير المنشود، لذا فمِثل هذه المختبرات سيكُونُ لها دَوْرٌ مُهمٌّ في حلحلة التحدِّيات، والعمل على تبسيط الإجراءات، وتوفير بيئة ممكنة وجاذبة للاستثمار، تساند الجهود الحكوميَّة.
وينطلق المختبر من مرتكزات أربعة تسعى إلى تطوير الاستثمار في القِطاع الصحِّي بتعزيز الاستثمارات الخاصة في الصناعات الطبيَّة، وتحسين الخدمات الصحيَّة ورفع جودتها، وتعزيز الصحَّة، والممكنات العامَّة المتمثِّلة في الحوكمة، بالإضافة إلى تطوير التقنيات والابتكار، وتمكين الموارد البشريَّة والتدريب والتأهيل وتطوير بيئة الاستثمار، وهي مبادئ وموجِّهات مُهمَّة جدًّا تسعى إلى ضمان الجودة، وتحقيق التغطية الصحيَّة الشاملة، وإبراز نوعيَّة الخدمات التي من المُهمِّ للمستثمر أنْ يفكِّر فيها من أجْلِ الوصول إلى التوجُّهات الاستراتيجيَّة، لتواكِبَ التطلُّعات والطموحات التي تحملها الخطط والبرامج الحكوميَّة، وتتكامل وتتقاطع معها، لِتعبِّرَ عن قِطاع صحيٍّ قادرٍ على مُواكبة التطوُّر العالميِّ، خصوصًا في مرحلة ما بعد “كوفيد19”.