هالني مشهد الرجال في إحدى المدن العربية وهم يستعرضون أسلحتهم (بين الخفيفة والمتوسطة) احتفاءً بزيارة إحدى الشخصيات (على بدايات عقد سبعينيات القرن المنصرم)، فقلت في دخيلتي كيف تتمكن الدولة من السيطرة على هذا السلاح المنتشر بين الأفراد المدنيين بهذه الأعداد والنوعيات المخيفة؟
وتأسيسًا على ما سمعت عن تسلح الفئات الاجتماعية الأخرى عبر بلد شقيق، توقعت حدوث ما لا يحمد عقباه: وفعلًا تفجرت الحرب الأهلية به بعد زيارتي تلك لذلك البلد الشقيق بحوالي سنة واحدة، إذ أحرقت تلك الحرب المدمرة الأخضر واليابس في واحدة من أجمل دول الشرق الأوسط وأكثرها ثقافة وتحضرًا.
لذا، يتوجب على جميع المواطنين، عبر دول العالم، الحذر من انفلات السلاح والتسلح الاعتباطي، خصوصًا عندما لا يحتاج المرء إلا لحفنة من الدولارات لابتياع الأسلحة القاتلة، ليس سرًّا أو من السوق السوداء، وإنما من متاجر متخصصة مفتوحة للجميع، كما كان يحدث في بعض الدول المجاورة، وكما يحدث اليوم في الولايات المتحدة الأميركية؛ إذ بدا أن غاية ما دعا إليه الرئيس بايدن لا يتجاوز منع بيع الأسلحة “الأوتوماتيكية” التي تحصد عشرات الضحايا في المدارس والأسواق العامة والجامعات كل عام.
والحقُّ، فإن الدولة التي لا تحتكر أجهزتها الأمنية والعسكرية المتخصصة حيازة الأسلحة والأعتدة، تكون مهددة دائمًا بالفوضى وبالحروب الأهلية، أي الحروب التي لا تبقي ولا تذر! والحقُّ فإن هذا الانفلات هو ما يُهدد دولًا عديدة في الشرق الأوسط نظرًا لما تسببت به الحروب والغزوات الخارجية من “مشاعية” للأسلحة ولذخائرها، خصوصًا بعدما جرى في مثل تلك الدول من أعمال سطو ونهب لمشاجب الأسلحة العسكرية وسواها من قبل الغوغاء والجهلة من الناس الذين يعتقدون (خاطئين) أن أهمية الشخص تكمن فيما يحمله من سلاح فتَّاك، لبالغ الأسف: فعندما يتم تداول الأسلحة وذخائرها بحُرية أو باستعمال المال يكون المجتمع على شفا حفرة لا تسبر أغوارها من نار الحروب الأهلية العمياء التي لا تميز بين إنسان وآخر، بغضِّ النظر عن انحداره الطبقي أو الديني أو معتقده السياسي.
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي