العنوان أعلاه بحدِّ ذاته كرسالة كافية لحراس الحضارة الغربية أو بالأحرى مدعي تلك الحضارة الذين ما برحوا إلا ويذكروننا بقِيَم تلك الحضارة، سواء عبر محيطها الجامع للدول الغربية عموما أو بنماذجها كدُوَلٍ تنادي بما يُسمَّى حقوق الإنسان (المثلية) في تسويق خطير للانحلال والانسلاخ من القِيَم الإنسانية التي فطر عليها الإنسان وحذر من تجاوزها مختلف الشرائع السماوية، وإني لأربأ بنفسي عن ذكرها أو الإشارة إليها، لكن أجد نفسي مضطرا لتوجيه أقسى العبارات الإنشائية حول ما سُمي بحقوق (المثلية) التي تدافع عنها أنظمة دولية أغلبها أو جميعها محسوبا على الحضارة الغربية التي قدمت للعالم في عصر ازدهارها الكشوفات الجغرافية والنهضة الصناعية، ومنها وصل إلى بقية العالم. لكنها اليوم ـ أي هذه المنظومة الغربية وللأسف الشديد ـ بعيدة عن مفردات الحضارة، وأغلبها يدافع عن المثلية والانحلال القِيَمي والأخلاقي، بل تريد تصدير الانحلال إلى العالم الآخر بموجب اتفاقيات زائفة تقدم هذا الانحراف السقيم للعالم، بدلا من الاهتمام بحقوق الإنسان الصحيحة التي أوصت بها مختلف الرسالات. وللأسف ما زالت تلك القوى الشيطانية تلهث وتنوح وراء تلك الظاهرة المنحطة التي يأنف البشر عن ذكرها وتأبى النفوس الإشارة إليها، وهؤلاء الأدعياء لم يكتفوا بنشرها والدفاع عنها وسط مجتمعاتهم، بل يلهثون بكُلِّ السُّبل والوسائل لإيصال خبثها إلى بقية العالم. ونحن هنا نقدم لهم تفنيدا لهذه المسألة من الزاوية الدينية والشواهد التاريخية للعقوبات الإلهية كما أخبرنا بها الله عزَّ وجلَّ، ونحن أولا ناصحون، فهذه الدلائل القرآنية التي أنزلها الله في دستور المسلمين، إن أراد مروِّجو هذه الظاهرة الأخذ بها، فهي لهم وقاية من الانحلال وحصانة لمجتمعهم من الضياع وحفظٌ للأُسر من السقوط، وندعوهم لعلاج لهذه الظواهر بدلا من الانغماس فيها، وهذا نداء موجَّه لهم إن أرادوا الأخذ به، فنحن نبلغهم بذلك كمسؤولية أممية وإنسانية، بل هي أمْر رباني نشهد الله به عليكم، وإن كان غير ذلك، فاللهم قد بلغنا اللهم فاشهد.
أيها المنادون بذلك المجون والانحلال والفجور بئس النهج نهجتم وبئس الفكر تسوِّقون، وإن كنتم في غفلة من أمْر ربكم الخالق فنحن نذكركم بما ورد من توجيهات ربانية حول هذه الرذيلة التي لا يشابهها أيُّ رذيلة أخرى في السوء، فهي انحراف للسلوك السليم واختلال لمفهوم الأُسرة والمجتمع، وأنتم تسوِّقون لهذه الرذيلة الفاحشة، لذا سنتحاكم نحن وإياكم بالمنهج السديد والفكر الرشيد بما ورد عن رب السماوات والأرض الخالق عزَّ وجلَّ، وليس بفكر الخَلْق القاصر، وهذا المنهج السديد ورد في الكتب السماوية جميعها التوراة والإنجيل والزبور، وشدد عليه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم فقال تعالى: (وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ) -الأنبياء الآية 74، وقال تعالى: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ* فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ) 74 الحجر، وقال تعالى: (إِنَّ الّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الّذِينَ آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالاَخِرَةِ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [النور:19].
ألا يكفي أيها المنادون بحقوق الإنسان وأنتم هكذا تسقطون قِيَم الإنسان وكرامته وفطرته السليمة، وأنكم تتعالون على من يدبِّر الأمر من الأرض إلى السماء، وهذا نذير خطير عليكم، فبدلا من الاصطفاف العالمي لمواجهة مثل هذه الظواهر، تستنفرون قواكم من أجل تسويق الخبائث وتعملون على تدمير روابط الأسرة والمجتمع، وتكرسون الرذيلة والانحلال السلوكي، أتريدون هدم حقوق الإنسان؟! فأي هدم وانهيار وانفصام تعيشون؟!
نعلم أن هناك منظمات دولية توجهكم نَحْوَ خراب العالم والإلحاد وهي قوى شيطانية تريد دمار العالم بهدف تقليل عدد سكان الأرض والله سبحانه ذكر في محكم كتابه العزيز: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرض إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبَيْنَ) الآية 4 سورة هود، وهذه المنظمات العالمية ـ للأسف ـ تحكم قبضتها من خلال المال والإعلام، ووجدت من يُنظِّم مثل هذه الظواهر من دول عالمية كانت ـ للأسف ـ تُعدُّ قبلة للعالم وصانعة للحضارة، لكنها اليوم تتخلى عن قِيَمها وأخلاقها في سبيل تأطير تلك السلوكيات الماجنة القذرة وتنظيمها وفق اتفاقيات دولية تعنى بما يُسمى حقوق المثلية الLGBT وهذه الدول كان يفترض بها مكافحة تلك الأمراض التي تدمِّر المجتمعات. والسؤال هنا: لماذا كانت النظم الدولية الغربية تكافح تلك السلوكيات وتجرِّمها في عهود سابقة، واليوم وجدت من يدافع عنها في حالة تُمثِّل انهيارا وسقوطا للحضارة الغربية؟! نعم لأن أولئك كانوا صناع الحضارات، أما أنتم فعلى يديكم سيكون انهيار هذه الحضارة ودمار مجتمعاتكم أولا وينقرض عدد سكانكم تدريجيا، ليس هذا فحسب، بل هي مخالفة شرعية سماوية تنذر بالعذاب الأليم وهي رسالة لكم أيها المدعون.
ونحن نوجه رسالتنا بالمقابل للشرفاء ممَّن بقي على العهد والقِيَم والأخلاق والفكر القويم من مختلف الأُمم والأعراق أن رسالتكم اليوم مهمَّة وواجبة لمكافحة مثل هذه الأمراض وتوجيه من يدافع عن هذا الدمار والانهيار والسقوط؛ نقول للشرفاء حول العالم: “قدموا النصيحة أولا” وإن لم ينصَعْ هؤلاء للنصيحة فليسمحوا بهجرة المثليين إلى بلادهم ويمنحوهم الحقوق هناك، فبلادنا ودساتيرنا تجرم هذه الخبائث.
إن الشيطان يدبِّر هذه المؤامرة العالمية، ويتقدم بعض الأنظمة الدولية لإسقاط حضارتها التي دامت قرونا، وقد آن الأوان أن تزول بما كسبت أيديهم، وذلك كما جرت عليه سنن الكون في الأُمم، وقد آن الأوان لهذه الحضارة أن تتلاشى وتضمحل، وهذا الأفول والدمار سيبدأ من داخل الأسرة والمجتمع الذي يسوِّق لهذه الرذيلة التي يدافع عنها عدد من دول الغرب ولا نقول كلها؛ لأن بعضها ما زال يدرك خطورة تلك السقطة السحيقة التي لا نهوض بعدها بل الزوال والفناء، وهنا على الشرفاء أن يقولوا كلمة الحق للنهوض بالقِيَم والأخلاق في مواجهة هذا الانحلال الأخلاقي الذي يسوِّقه الشيطان، وأعتقد أن شيطان الماسونية يتقدم اليوم هذه الأُمَّة الغربية لإسقاطها وزوالها، ويبقى علينا البلاغ والنذير وعلى شرفاء العالم المناهضين لهذه الظاهرة (المثلية) المبادرة بالتصدي لأي اتفاقية دولية تجيز هذا الانحراف الخطير، وفي حال استمرار المراهنين على حقوق المثلية فإن عليهم تبنِّي حقوق جميع المثليين حول العالم في دولهم المدافعة فالأولى بالمدافع عن هذه الحقوق حسب المنطق تبنِّي هذه الفئة وتوفير الحقوق لها لتصبح هذه الدول ملاذا ومرتعا للمجون والفسوق والفجور وينتظروا أن يحل بهم العذاب، اللهم فاشهد.
خميس بن عبيد القطيطي
[email protected]