لَمْ يَعُدْ تطوير الصناعة رفاهية للدوَل السَّاعية لتحقيق النُّمو المستدام، فالصناعة القائمة على المعرفة تؤدي دورًا مهمًّا في تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة، لذا حرصت معظم البلدان على الاهتمام بالقِطاع الصناعي علميًّا وعمليًّا بقصد إيجاد قِيمة مضافة حقيقية لثرواتها الوطنية، وذلك للإسهام في دفع عملية التنمية وتطوُّر المستوى المعيشي للأفراد، وحتى يُقام قِطاع صناعي قادر على المنافسة محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا، فلا بُدَّ مِنَ العمل على ابتكار الحلول الريادية، ومعرفة متطلبات الاقتصاد المعرفي، وتعزيز ريادة الأعمال، وتحديد أثَرِ الذكاء والقيادة الاستراتيجية في تحقيق القدرة التنافسية، وذلك بهدف بناء قِطاع صناعي واعد، يُواكب العصر ويدرك متطلباته، ويفتح آفاق المستقبل وفق أُسُس علمية سليمة.
ومن أجْلِ تحقيق تلك الأهداف المنشودة يَجِبُ صياغة تعريف يناسب الأوضاع الحالية، والعمل على تحديد إدارة المخاطر وأثَرها على التنمية المستدامة الناجحة، وصولًا لابتكار الحلول، والعمل على سدِّ الفجوة بَيْنَ الأفكار الأكاديمية الخلَّاقة، وبَيْنَ القدرة على تطبيقها على أرض الواقع عَبْرَ لقاءات دورية بَيْنَ الأكاديميين والعاملين لردْمِ الهوة بَيْنَ الأفكار وتطبيقها، ما سيُسهم في بناء اقتصاد صناعي واعد قائم على المعرفة والابتكار. ويُعدُّ المؤتمر الدولي الثاني في الاقتصاد وإدارة الأعمال والذي جاء بعنوان “تعزيز الصناعات المبتكرة من أجْلِ النُّمو والتنمية المستدامين”، والذي نظَّمته جامعة السُّلطان قابوس كإحدى المنصَّات المهمَّة التي تناقش أبرز قضايا الأعمال من منظور عالمي ومحلِّي. تكمن أهميَّة هذا المؤتمر في إدارة النقاشات المهمَّة حَوْلَ التحدِّيات العملية المحلِّية والدولية في قِطاع الأعمال، وأحدث التطوُّرات في مجال الصناعة، حيث يستعرض المؤتمر أبرز الحلول المبتكرة في عالم الأعمال، ويعمل خلال جلساته على تحديد مجالات البحث ذات الأولوية من خلال الاستفادة من رؤى صانعي السياسات والتنفيذيين؛ بهدف سدِّ الفجوات بَيْنَ الأكاديميين والممارسين من خلال إنشاء روابط تعاونية بَيْنَ البحث العلمي والصناعة، مع تحديد مجالات البحث الجديدة وتسهيل التعاون وتوفير فرص التواصل في مجالات الأعمال المختلفة، وتوفير مساحة احترافية لمشاركة المعرفة وتسليط الضوء على أحدث قضايا الأعمال من منظور عالمي ومحلِّي، وإبراز التحدِّيات العملية المعاصرة ومواكبة الحلول المبتكرة في عالم الأعمال الديناميكي.
إنَّ مِثل هذه المؤتمرات والندوات ضرورية جدًّا، خصوصًا وأنَّ العالم يمرُّ بأزمات متوالية معقَّدة، وتداعيات تؤشِّر بوجود قواعد سياسية واقتصادية واجتماعية مغايرة عمَّا اعتدنا عليه، جاءت نتيجة الآثار المباشرة لجائحة كورونا والتداعيات الناتجة عن سياسات احتواء الجائحة، والأزمة الروسية الأوكرانية والتسارع في التحوُّل الرقمي وتوظيف التقنيات الحديثة في مختلف القِطاعات، والتحوُّل في النظام المالي العالمي، والزخم نحو استعمال الطاقة النظيفة، حيث تفرض هذه العوامل تغيرات على مستوى الاقتصاد الكلِّي والسياسات العامَّة، وكذلك على مستوى نموذج الأعمال التجارية، وتُشكِّل مِثل هذه اللقاءات فرصة للأكاديميين والعمليين على حد السواء، للتبادل المعرفي، حتى يتسنَّى لهم إقامة تعاون بنَّاء يدفع الصناعة الوطنية العُمانية، لآفاق أرحب تحقق التنويع الاقتصادي المأمول.