طالت اعتداءات كيان الاحتلال الإسرائيلي كُلَّ ما هو فلسطينيٌّ، ولَمْ يسلمْ منها حجر أو بَشر، حيث يتعامل ذلك الكيان الغاصب مع أبناء فلسطين وأراضيهم بكافَّة الطُّرق الوحشيَّة والقمعيَّة، التي تُدينها كافَّة القوانين والأعراف الدوليَّة، في سابقة هي الأولى في التاريخ البَشري الحديث. وبات الحصار، الذي يفرضه الكيان الصهيونيُّ الغاصب على قِطاع غزَّة، أطول حصار عرفه التاريخ الإنسانيُّ الحديث، رغم رفض المُجتمع الدوليِّ له بقرار مجلس الأمن رقم 1860 الذي دعا كيان الاحتلال لرفع حصاره عن غزَّة، كما عدَّه المُجتمع الدوليُّ عقابًا جماعيًّا ضدَّ شَعبٍ محتلٍّ لا يملك قوَّة تساعده على اختراق هذا الحصار الغاشم الذي يُعدُّ سبَّةً في تاريخ البَشريَّة.
وبالرغم من هذا الرفض المستند لقرارات الشرعيَّة الدوليَّة، إلَّا أنَّ كيان الاحتلال والإرهاب يصرُّ عليه، ويعمل على التنكيل بأبناء فلسطين في غزَّة بأبشع الطُّرق، فيما يكتفي المُجتمع الدوليُّ ببيانات شجْبٍ واستنكار لا تُسْمن ولا تُغْني من جوع، والاكتفاء برصد معاناة الفلسطينيين في القِطاع، والاكتفاء بإرسال بعض المساعدات الدوليَّة المخصَّصة لغزَّة والتي تعمل على خفض آثار الحصار الكارثيَّة، وهذا لا يحدث إلا بعد موافقة الكيان المعتدي والغاصب على مرور تلك المساعدات، لدرجة أنَّ المُجتمع الدوليَّ قد تعايش مع هذا الوضع الكارثيِّ، وتعامل مع هذا الحصار كأمْرٍ واقع، فيما يواصل كيان الاحتلال الصهيوني عدوانه على كُلِّ ما هو فلسطينيٌّ في هذا القِطاع الذي لَمْ يرتكبْ جرمًا سوى الدفاع والذَّود عن أرضه وحقوقه المشروعة.
ومع هذا الصَّمتِ والتقاعس الدوليِّ، يُمارس كيان الاحتلال أبشع الجرائم ضدَّ الشَّعب الفلسطينيِّ الأعزل، وكان آخر الجرائم التي ارتكبها كيان الاحتلال الصهيونيِّ هو إغراق عشرات المنازل ومئات الدونمات الزراعية شرق قِطاع غزَّة؛ جرَّاء فتحه “ممرَّات” مياه الأمطار المقامة خلف الشريط الحدوديِّ شرق غزَّة، ما يُهدِّد القِطاع بمزيدٍ من الكوارث الصحيَّة والبيئيَّة، ناهيك عن فقدان المحاصيل الرئيسة التي يقتات عليها أبناء الشَّعب الفلسطينيِّ، فقد غمرت المياه منازل في أحياء بمدينة غزَّة ومدينة دير البلح ومنطقة الزوايدة والبريج والنصيرات وسط القِطاع، ومناطق شرق خان يونس، وشوارع رئيسة، وتكبَّد العديد من المزارعين خسائر ماديَّة كبيرة، وإلحاق أضرار مباشرة في أراضيهم، ما يزيد من صعوبة الحصول على الغذاء القائم بفعل الحصار.
إنَّ التجبر الإسرائيليَّ على أبناء القِطاع يَجِبُ ألَّا يمرَّ دُونَ محاسبةٍ هذه المرَّة على الأقل، ويَجِبُ على كُلِّ صاحب ضميرٍ في هذا الكوكب تأييد حقِّ أبناء فلسطين في غزَّة، والاستجابة إلى نداء الاستغاثة الذي أطلقه مئات الفلسطينيين في قِطاع غزَّة، والذي رصدته المنظَّمات الحقوقيَّة والمدنيَّة، والذين حذَّروا من وقوع كارثة إنسانيَّة وبيئيَّة؛ جرَّاء غرق عشرات المنازل، وأراضٍ زراعيَّة بجنوب القِطاع، فهل يستجيب العالم والمنظَّمات الدوليَّة والأُمميَّة لتلك الاستغاثة، أم سيظلُّ ذلك الكيان المارق يتصرف كما يحلو له دُونَ رقيبٍ أو حسيب، ويظلُّ الشَّعب الفلسطينيُّ رهينة هذا الإرهاب المتنامي.