التغيرات الجذرية التي يشهدها عالمنا المعاصر ، تفرض علينا أيضا أن نتعامل معها بسرعتها، وهكذا من يفوته القطار من الصعب والصعب جدا أن يعبر في مجال التقدم، فيحتم الواجب علينا في هذا الوطن الشامخ في توجيه بوصلة البناء والتعمير ببوابة التكاتف، بحيث لا تقتصر مرحلة البناء والتعمير في هذا الوطن على رجالات الحكومة بمؤسساتها فقط، وإنما العمل في توظيف الطاقات والأموال جميعا سعيا عن الرقي والتقدم بالوطن، ولاسيما نحن في حاجة ماسة أكثر من أي وقت في شحذ همم المواطنين، وكسر شوكة التشاؤم من الخروج من دائرة التوصيات والأماني والوعود إلى دائرة العمل الجاد نحو الأهداف والتطلعات العليا، من أجل استشراف المستقبل ورسم صور جميلة له، وهذا لن يتحقق إلا بتحقيق طرفي هذه المعادلة المتمثلة في زرع ثقافة في روح الأجيال بالتسلح بالأمل والنجاح مهما كانت شراسة التحديات والعقبات والفشل المتكرر، في الاستمرار في البحث عن النجاح، وكذلك توليد ثقافة حب الوطن وأجياله في استثمار الأموال التي قد يملكوها داخل الوطن في بناء المدارس والمستشفيات وشراء الأجهزة والإمكانيات للمدارس، والمساهمة في تنمية مواهب الوطن، ولاسيما هذه المعادلة تحققت عند الياباني سويشيرو الذي حطم جسور الفشل بقوة التحدي الداخلية لديه، ولم يتذمر من حكومته، بل بعدها كان سندا قويا في بناء المدارس والمستشفيات في وطنه وتنمية المواهب الشبابية من أمواله الخاصة، وبمرارة الألم نتساءل، لماذا لا توجد نماذج عمانية مثل هذه النماذج تساهم في توظف أموالها داخل الوطن، تبني وتعمر وتحفز وتشجع، تاركا فحوى الإجابة لمن يملكون هذه الأموال ولا يسخرونها داخل الوطن بخلا وخوفا وطمعا وجشعا بالرغم أن الحكومة الرشيدة وفرت لهم من المميزات، لأنتقل في تلخيص قصة كفاح هذا الطالب الياباني في العام 1938 كان سويشيرو طالبا فقيرا يحلم بتصميم حلقة بستون "بستم" وبيعها لشركة يابانية عملاقة. بدأ العمل على تحقيق هذا الحلم وانفق ما يمتلكه من مال يسير، حتى أنه باع مجوهرات زوجته ليكمل مشروعه، وبعد سنوات انتهى من التصميم وقدمه للشركة وجاء الرد منهم برفض التصميم!! مما جعل الجميع من حوله يسخرون منه ومن تصميمه المتواضع. أفلس تماما ولكنه لم يستسلم، واستمر في تطوير البستون حتى انتهى من تصميمه ومن ثم أنشأ مصنعه الخاص بعد جهد كبير. لم يدم المصنع طويلا إذ دمر في الحرب العالمية، ثم انهار كليا بعد أن ضرب المدينة زلزال قوي. جمع سويشيرو ما تبقى من مصنعه وباعه على شركة تويوتا، ثم استخدم المال لتأسيس مركز أبحاث ثم تطور لصناعة الدراجات النارية فهذا الطالب هو سويشيرو هوندا، مؤسس شركة هوندا والتي تخطى دخلها السنوي اليوم 100 مليار دولار، ووصل عدد المحركات التي صنعها عام 2012 فقط 4 ملايين محرك ويعمل بها 30 ألف موظف.

حمد بن سعيد الصواعي
[email protected]