حرصت الحكومة على تذليل العقبات أمام رجال الاعمال لانشاء مزيد من الصناعات في البلاد، بدءا من الصناعات الصغيرة وحتى الصناعات التحويلية والثقيلة، لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 15% لقطاع الصناعة بحلول عام 2020 – كما كان مخططا له – ولم يتجاوز كثيرا 11% بعد من الناتج المحلي الإجمالي، فهل سنصل الى الهدف المنشود خلال السنوات الخمس القادمة؟ ام في خطة 2040 القادمة..!
لم ينل اي قطاع آخر، دعم حكومي وتسهيلات متعددة مثل ما ناله هذا القطاع خلال السنوات الماضية من عمر النهضة المباركة، واخيرا تقديم تسهيلات لإنشاء شركات للصناعات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع الشباب على ارتياد هذا المجال مع دعم مالي ومعنوي، لايجاد صناعة عمانية مائة بالمائة.
بدأت السلطنة، عدة برامج إصلاحية ومشاريع تنموية في غاية الأهمية لهذا القطاع الحيوي، وحققت نجاحات في عدة مسارات، وحدث نمو اقتصادي مع ارتفاعات واضحة في العديد من المؤشرات الاقتصادية، ومع اننا لم نصل للهدف المنشود في الخطة المعتمدة للاسهام في الناتج المحلي الإجمالي ـ كما هو مأمول ـ الا اننا نأمل ان تكون الخطة القادمة شفافة ومبنية على اسس قوية حتى نتجاوز الارقام ونتخطى حتى 30 %، وتكون لدينا صناعة مزدهرة قائمة على مقومات البيئة العمانية وثرواتها.
وفي ذات الوقت هناك مسارات ستتغير واكتشافات ستظهر، ومعوقات ستجعلنا نسير ببطء شديد اذا استمر اعتمدنا على مشتقات النفط، وتركنا الثروات الاخرى التي يمكن ان تكون رافدا اساسيا للناتج المحلي.. فالتحديات كبيرة ولكنها تستوجب قرارات تنموية شجاعة ومتابعة وتسهيلات قوية في الخطط القادمة وتخفيف الاعتماد على النفط بشكل نهائي.
ان من العوامل التي تساعد على نمو اي قطاع، تنويع المشاريع والعمل على انتشارها خارج المدن الكبرى واطلاقها في المناطق الأقل نموا، مع ضمانات توفير احتياجاتها المختلفة، ووضع أهداف وطنية تنموية طموحة، وفقا لمؤشرات رقمية قابلة للقياس، والتوسع في الشركات المساهمة التي تشارك فيها الدولة، ومن ذلك قيام الحكومة عبر أذرعها الاستثمارية (عمران ونفط عمان وغيرها) بتاسيس مصانع قوية وادارتها بحيث تكون هذه المصانع مدعومة من الدولة، وطرح نسبة كبيرة من اسهمها للاكتتاب العام حتى يمكن استفادة قاعدة كبيرة من المواطنين منها.
هذه مجرد أمثلة للعديد من الخطوات الاقتصادية والتنموية التي لو تم تبنيها، وتحقيقها فإن الاقتصاد العماني، سوف يصبح عمليا اقتصادا متينا لا يتأثر كثيرا بتذبذب أسعار النفط، خاصة مع تنمية المناطق الأقل نموا والحد من الهجرة للمدن الرئيسية، كما سيكون لدى البلاد قدرة أكبر على التخطيط للمستقبل بصورة أفضل، مما يطمئن المواطنين على مستقبل بلادهم اقتصاديا وتنمويا.
ومن ثم يمكننا ان نحتفل بيوم الصناعة العمانية، كل عدة اعوام في منطقة صناعية جديدة ونحن نفتخر بما نراه من مصانع ومنتجات تغطي حاجاتنا داخليا وتصدر خارجيا وتنافس في جودتها الاخرين، ولن ينجح هذا القطاع دون الاعتماد على الثروات الكامنة لدينا، واحلال مزيد من الواردات، وزيادة عدد ونوعية المنتجات العمانية بشكل دائم ومستمر.
نحن في السلطنة عندما داهمنا انخفاض أسعار النفط، الذي بدأ منذ اشهر، اطلقت التصريحات والتغريدات المعبأة بقلق كبير، وكأننا لن نستطيع العيش غدا، وكأن الحياة ستتوقف، والسبب في اعتقادي التهويل، وبالطبع عدم كفاءة التخطيط ، لذا علينا الاسراع في الحوكمة والتنوع في الاقتصاد والانتقال من الاعتماد على النفط كمورد اساسي ورئيسي في ميزانيتنا الى موارد اخرى، بالاضافة الى الحد من تكدس القوى العاملة في القطاع العام على حساب القطاع الخاص.
فالصرف، يحتاج لمداخيل اخرى بدلا من النفط، فالاعتماد على البقرة الحلوب (النفط) سيجف ضرعها يوما ما، والتصدي لاي ازمة اقتصادية والتي تواجه كل دول العالم دون استثناء، هي ببساطة اعادة هيكلة الاقتصاد وتخفيض النفقات في قطاعات محددة يمكن التخفيض فيها، واتباع سياسة معينة لزيادة العائدات من التجارة والصناعة والسياحة والثروة السمكية وتطوير الموانيء وفتح الاسواق، واعادة التصدير والسماح للمستثمرين بالاستثمار في البلد دون عوائق.

د. احمد بن سالم باتميرة
[email protected]