تصدر اسم مستشفى 57357 المخصص لعلاج سرطان الأطفال بالمجان في مصر، مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تداول أخبار تفيد أن المستشفى يعاني من تراجع كبير في حصيلة التبرعات، الأمر الذي يؤثر على تقديم خدماته العلاجية، ويهدد بإغلاق أبوابه في وجه الأطفال المصابين بالأورام.
مدير المستشفى يقول إن حصيلة التبرعات المعتمد عليها المستشفى لم تتراجع، وإنما سبب الأزمة ارتفاع سعر الدولار الأميركي الذي يتم به شراء معظم الاحتياجات من الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاج 18 ألف طفل مريض سنويا من السرطان، مقابل الجنيه المصري الذي يتبرع به المصريون للمستشفى، بينما خرجت أصوات تنتقد طريقة إدارة المستشفى، وتتهمها بإهدار أموال التبرعات في الصرف ببذخ على بنود خارج إطار العلاج، وأن هناك مبالغة في الأجور والمرتبات التي يحصل عليها القائمون على الإدارة، والمبالغ المخصصة لخدمات الأمن والصيانة والنظافة.
وإنشاء هذا المستشفى الخيري بدأ بفكرة لامرأة فاضلة تدعى علا لطفي في العام 1999م، بعد وفاة 13 طفلا مصابا بالسرطان في يوم واحد بسبب قلة الإمكانات في المعهد القومي للأورام ـ المستشفى الحكومي الوحيد لعلاج السرطان لكافة الأعمار بمصر ـ.
أسست علا لطفي جمعية أصدقاء مرضى السرطان الخيرية، وأطلقت حملة لجمع التبرعات من مصر والخارج لصالح بناء المستشفى الخيري المخصص لعلاج الأطفال، وفتحت حسابا بأحد البنوك لتلقي التبرعات، واستجاب العديد من الفنانين والمشاهير للدعاية للمشروع على شاشات التليفزيون بالمجان، وأصبح رقم الحساب البنكي 57357 اسما للمستشفى، ونجحت الحملة في جمع 10 ملايين جنيه كانت النواة لبدء المشروع.
استطاعت الجمعية إقناع محافظ القاهرة بتخصيص أرض المسلخ البلدي القديم بحي السيدة زينب العتيق، لإقامة المستشفى، وقامت قرينة الرئيس الأسبق سوزان مبارك بوضع حجر الأساس، وبفضل حماس المصريين للتبرع للمشروع، تصاعدت طموحات الجمعية، وقررت إنشاء صرح معماري طبي يقارع أحدث المراكز الطبية في الغرب، وتم افتتاح المستشفى الذي تكلف 300 مليون جنيه مصري في العام 2007م، وشرع منذ اليوم الأول في استقبال الأطفال المرضى وإجراء العمليات الجراحية وتقديم العلاج والمتابعة وفق أعلى معايير الجودة الطبية، وبفضل جهود الأطباء والممرضين وصلت نسب الشفاء إلى 71%، بعدما كانت لا تتجاوز الـ20% وهي قريبة من نسب الشفاء في الدول المتقدمة.
والأوقاف الخيرية يرجع الفضل إليها في إقامة العديد من المشروعات الخدمية في مصر منذ بداية القرن العشرين، لعل أهمها الجامعة المصرية، التي أنشئت في العام 1914م، على أرض تبرعت بها الأميرة فاطمة ابنة الخديوي اسماعيل، التي أوقفت ريع أكثر من ثلاثة آلاف فدان تملكها من أجود الأراضي الزراعية للصرف على الجامعة، وبفضلها التأمت الجامعة في حرم واحد بعدما كانت كليات متفرقة، وأصبحت بعد ذلك جامعة القاهرة.
وأسست أميرات الأسرة المالكة الخديوية في مصر “مبرة محمد علي” والتي كان لها الفضل في إنشاء العديد من المستشفيات في جميع أنحاء مصر للعلاج بالمجان، وما زال بعضها موجودا حتى الآن، بعدما انتقلت تبعيتها لوزارة الصحة بعد ثورة 1952م ومصادرة أموال أسرة محمد علي، ومغادرة كثير منهم للبلاد.


محمد عبد الصادق
[email protected]
كاتب صحفي مصري