رأس الخيمة ـ الوطن :
شهدت المرحلة الثانية من الطواف العربي للإبحار الشراعي إي.أف.جي التي انطلقت بتاريخ 17 فبراير من ولاية صحار كثيراً من الشد والجذب والمنافسات الحامية للسيطرة على المراكز الأولى، ولكن في النهاية استطلاع فريق ديلفت تشالنج الطلابي من جامعة دلفت للتكنولوجيا بقيادة الربان ووتر سونيما البالغ من العمر 20 عاماً اختطاف الفوز من المحترفين وختام الجولة الأطول من هذا السباق في المركز الأول، في حين جاء فريق البحرية السلطانية العمانية في المركز الثاني، وفريق بيين فوال السويسري في المركز الثالث.
وتعد المرحلة الثانية من سباق الطواف العربي أكثر الجولات تحدياً نظراً لطول المسافة البالغة 172 ميلاً، علاوة على التيارات الهوائية الضعيفة التي تنعدم تماماً في بعض الأحيان خلال الليل ويصاحبها نشاط في التيارات المائية التي تأخذ القوارب إلى الخلف، أضف إلى ذلك كله انتشار شباك الصيد والسفن الراسية في مسار القوارب. ونظراً لهذه الظروف العصيبة اضطرت لجنة التحكيم إلى إنهاء المرحلة في وقت مبكر عند البوابة الأولى المتاخمة لباب فك الأسد في شبه جزية مسندم، والاكتفاء بالنتائج عند تلك النقطة.

وعن هذا القرار يقول جيل تشيروري، مدير السابق بأن الظروف لم تكن مواتية لإكمال المرحلة، حيث كانت السلامة أحد أهم العوامل التي دعت إلى إنهائها، فقد كانت التيارات المائية تجرف القوارب باتجاه الصخور بسرعة تتراوح 3 إلى 4 عقدات في ظل انعدام التيارات الهوائية. ومن ناحية تنظيمية يقول تشيروري بأن مواصلة السباق في ظل هذه الظروف يعني خروج أكثر من نصف القوارب من السباق بسب استنفادها للوقت المحدد لأنهاء السباق.

ولكن رغم هذه النهاية المبكرة، شهدت هذه المرحلة الكثير من الشد والجذب والمنافسة على المراكز الأولى، حيث سيطر فريق "زين" على المركز الأول عند بداية المرحلة، ثم ما لبث أن تراجع تاركاً الصدارة لفريق إي.أف.جي الذي فاز بالمرحلة الأولى ويحاول جاهداً للحفاظ على لقب البطولة، ولكنه واجهة منافسة قوية من فريق أفيردا الذي استطاع انتزاع المركز الأول، ثم ما لبث أن خسره أمام منافسة قوية من فريق ديلفت تشالنج الذي حافظ على الصدارة حتى نهاية البوابة الأولى، تبعه في المركز الثاني فريق البحرية السلطانية العمانية ثم فريق بيين فوال في المركز الثالث.

ويُعد الفوز في هذه المرحلة بعد كل هذه التحديات العصيبة والمنافسات الحامية إنجازاً كبيراً، حيث قال الربّان ووتر سونيما بعد وصوله إلى نادي اليخوت والمارينا بإمارة رأس الخيمة في وقت مبكر من صباح الأمس: "شعور لا يوصف حين تكتشف أنك أحرزت المركز الأول دون علمك، فقد كنّا في الصدارة لمسافة كبيرة دون أن نعلم بذلك، وأثبتت تكتيكاتنا الملاحية جدواها في نهاية المرحلة، ونحن سعداء بهذه النتيجة".

أما فريق البحرية السلطانية العمانية، فقد فاجأ الجميع بتصدره بالقرب من رأس مسندم رغم تأخره في ذيل السباق بداية المرحلة، حيث استطاع الفريق توظيف خبرته في المياه المحلية وقلب موازين النتائج وعبور البوابة الأولى من المرحلة في المركز الثاني. وعن هذا الإنجاز قال الربّان علي الرحبي: "استفدنا كثيراً من خبرتنا المحلية في الملاحة في هذه المياه، كما أن العمل الجماعي كان سبباً لإحرازنا للمركز الثاني، ونحن سعداء بهذه النتيجة وتقدمنا على الكثير من الفرق المحترفة".

وكان من بين مفاجآت هذه المرحلة، تقدم فريق بيين فوال السويسري على الكثير من المحترفين رغم قلة خبرته في هذه المياه العربية، واستطاع الفريق دخول البوابة الأولى من المرحلة في المركز الثالث، ويقول الربّان لورينز مولر عن تجربته في هذه الجولة: "كانت سرعتنا وتكتيكاتنا مناسبة جداً خلال الليل، والحقيقة أننا استطعنا تجاوز الفرق الأخرى في المركز الأول بعد عبور البوابة الأولى من المرحلة قبل أن نعلم بإنهاء السباق، وكانت تجربة لا تنسى".

أما فريق إي.أف.جي حامل اللقب والفائز بالمرحلة الأولى فقد بقي دائما ضمن المراكز الأولى طيلة المرحلة في منافسة قوية مع خصمه اللدود مارسيل هريرا في فريق أفيردا، ولكنه اكتفى بالمركز الرابع عند ختام هذه الجولة، تاركاً وراءه فريق أفيردا في المركز الخامس، وفريق الثريا النسائي في المركز السادس.

ومن بين الفرق التي قدمت أداءاً مشرفاً في هذه المرحلة فريق زين الكويتي الذي يضم طاقماً من موظفي شركة زين للاتصالات، بقيادة الربّان المخضرم سيدرك بوليني ومساعدة الملاح جيرالد فينيارد، فقد حافظ الفريق على أداء مثالي في بداية المرحلة الثانية وبرز كأحد المرشحين الأقوياء لمنافسة باقي الفرق، ولكن يبدو أن الرياح لم تجرِ دائماً في صالحهم وختموا السباق في المركز السابع. وبالرغم من تراجعهم إلى المركز السابع، إلا أن الفريق يمتلك روحاً رياضة عالية ويبدو سعيداً بالنتيجة، حيث يقول مايك ميلر أحد أعضاء الطاقم: "لقد قضينا يومين رائعين، وقبل أن نبهر الآخرين يبدو أننا أبهرنا أنفسنا بالأداء الرائع الذي قدمه الفريق، وبالرغم من صعوبة السباق استطعنا الحصول على قسط جيد من النوم كذلك". ويضيف ميلر: "لعل الجزء المشوق في السباق كان عند دخولنا بين المنحدرات الجبلية الشاهقة في باب فك الأسد، حيث توقف الهواء تماماً وتسببت التيارات المائية في تراجعنا مرتين إلى الوراء".

ويبدو أن الرياح لم تكن في صالح بقية الفرق حيث تأخر فريق جي.أيه.سي الذي يدعمه فريق دونجفينج ريسنج الصيني إلى المركز الثامن، يتبعه في المركز التاسع فريق كلية عمان البحرية، يتبعهما في ذيل السباق فريقي أوميفكو صور بقيادة أحمد المعمري وفريق النهضة بقيادة فهد الحسني.

وقد حرص مشروع عُمان للإبحار على تنظيم هذا السباق كل عام حيث استطاع في هذه النسخة أن يستقطب عدداّ قياسياَ من البحارة المحترفين والهواة، ووضع جدول يمزج بين السباقات المحيطية الطويلة والساحلية القصيرة، في مسار عكسي لمسار السباق المعتاد في الأعوام الماضية، وهو أمر أضفى مزيداً من التحديات لهذا السباق من الناحية البدنية والذهنية. وبعد أخذ البحارة قسطاً من الراحة في رأس الخيمة، تنطلق اليوم المرحلة الثالثة لمسافة 53 ميلاً بحرياً من إمارة رأس الخيمة إلى نادي زوارق شاطئ دبي في إمارة دبي، وبالرغم من قصر المسافة والإبحار خلال ساعات النهار، إلى أنها ستشهد منافسة حامية، كما سيتعين على البحارة أن يبقوا يقظين طوال الوقت لتجنب المرور فوق شباك الصيد التي تكثر في هذه المرحلة.