الملياردير الأميركي إيلون ماسك مولع بالتكنولوجيا والمستقبل ومهووس بالروبوتات والحواسيب والذكاء الاصطناعي، ولديه رغبة في تحويل قصص الخيال العلمي التي تظهر في أفلام هوليوود إلى واقع نعيشه بالفعل، لذلك اشترى شركة تسلا لإنتاج السيارات الكهربائية، وأنفق الملايين على تطوير السيارات ذاتية القيادة، وألهمه مشهد خلو الشوارع وجلوس الناس في منازلهم أثناء جائحة كورونا، بعالم تتحكم فيه الروبوتات الطائرة وتدير الحياة اليومية، عبر مربعات صغيرة على شاشات الهواتف المحمولة.
وكانت آخر شطحات ماسك، إعلانه عن جهاز داخل شريحة في حجم العملة المعدنية تزرع داخل دماغ الإنسان لربط المخ البشري بجهاز حاسوب عبر رقائق معدنية، وآلاف الأقطاب الكهربية متصلة بخيوط مرنة أرفع من شعر الإنسان تنغرس في الدماغ، ويمكنها مراقبة نشاط الخلايا العصبية، ويتم إجراء عملية الزرع بواسطة روبوت تحت التخدير الموضعي وتستغرق ساعة واحدة، ولا تكلف إلا بضعة آلاف من الدولارات، كما يمكن إعادة شحن الجهاز لا سلكيا.
وبدأت بالفعل التجارب بزراعة الشريحة في رأس خنزير، وبحسب رؤية ماسك يمكن استخدام هذه التقنية في مساعدة المرضى المصابين بداء “باركنسون” الشلل الرعاش، بالتحكم في حركاتهم الجسدية أو هواتفهم أو أجهزة الحاسوب من خلال الأفكار، كما يمكن لهذه التقنية ـ بحسب ماسك ـ مساعدة المصابين بالشلل بسبب تقطع أو تلف الأعصاب، في معاودة المشي مرة أخرى، حيث تقوم الرقائق بنقل الأوامر من الدماغ إلى باقي الجسم، كما تعهد ماسك بمواصلة الأبحاث وتطوير الجهاز لمساعدة فاقدي السمع والبصر، كما تحدث عن إمكانية استخدام الشريحة في تخزين الذكريات والتحكم فيها باستبعاد الذكريات الحزينة، وتخزين الذكريات المبهجة، ومساعدة المصابين بمرض الزهايمر على استعادة الأحداث.
لم يجب ماسك في مؤتمره الصحفي على كثير من الأسئلة التي حملت مخاوف من اختراق الشريحة، أو التدخل في فرض أفكار محددة على الشخص المزروعة داخل دماغه، واكتفى بالتأكيد على أن التطوير جارٍ لتأمين الشريحة بحيث يصعب اختراقها، ولكنه لم يجب عن سؤال حول إزالة الشريحة هل تتحول إلى شريحة (كارت) ذاكرة يمكن الاحتفاظ بالمعلومات عليها. بعض الخبثاء أكدوا أن الخطر الأكبر على الدماغ هو إيلون ماسك نفسه التاجر الذي لا يتورع عن استخدام الشريحة في الترويج للسلع والخدمات التي تنتجها شركاته.
كما يخشى آخرون من حكاية التلاعب بالذكريات، وهل هي في مصلحة الإنسان، أم أنها ستستخدم في تشويه التاريخ البشري؟ كما أن هناك خشية من أن تؤثر الشريحة على عمل الدماغ وتصيبه بالكسل جراء اعتماده على شريحة إلكترونية، وتفقده القدرة على الاختيار، كما أن هناك مخاوف من أن تؤدي الشريحة إلى زيادة الجرائم والإفلات من العقاب، إذ يصعب اكتشاف أو التوصل لشخص ارتكب جريمة عن طريق نشاط الدماغ.
لم يبدد ماسك هذه المخاوف، واكتفى بالتركيز على الإيجابيات، وسط انبهار الحاضرين.
حذر الخبراء من إمكانية وصول “الهاكرز” إلى واجهات الدماغ والحواسيب المتصلة بها، ومحو مهارات الشخص وقراءة الأفكار والذكريات، فهي تفتح نافذة للمتسللين للسيطرة على أفكار كبار المسؤولين والسياسيين والعسكريين، وتسمح للصوص الرقميين بالدخول لخزائن البنوك، وتحويل الأموال، وشن هجماتهم الرقمية.
اتهم البعض ماسك بالمبالغة، والتسرع في تقديم التقنيات التي يعمل عليها قبل أن تكتمل، فقد سبق وأعلن قبل أربع سنوات أنه في غضون عامين، ستكون سيارة تسلا قادرة على قيادة نفسها والتوقف لإعادة شحنها بنفسها، وهذا لم يحدث، كما توقع بوجود مليون روبوت على الطرقات بحلول نهاية العام 2022م، لتأمين سيارات القيادة الذاتية، ولم تزد أعداد الروبوتات عن العشرات.


محمد عبد الصادق
[email protected]
كاتب صحفي مصري