بعد أشهر وأشهر من الطفرات وسلالات كورونا (كوفيد-١٩) الفيروسية المستمرة، ها نحن نسمع بسلالة جديدة تهاجم الصين، بل وبنكهة لاذعة تظهر بأوروبا وأميركا، بما يكفي لتطغى على كل المتحورات السابقة؛ إنها سلالة أطلق عليها (اكس بي بي،١:٥).
وتُعد هذه السلالة من سلالات أوميكرون الفيروسية، ولعلَّها أسرع بديل للفيروسات التاجية انتشارًا! ومع ذلك فقد قطع العالم شوطًا طويلًا منذ أوائل عام ٢٠٢٠، عندما افتقر إلى اللقاحات والأدوية لمكافحة فيروس كورونا. الآن ـ الحمد الله ـ ومع المناعة من اللقاحات والالتهابات السابقة المنتشرة في جميع أنحاء العالم، لم يَعُدِ الناس معرَّضين تقريبًا لتأثيرات كورونا كما كنا سابقًا!
بطبيعة الحال، الفيروس لا يتطور نحو النقطة التي لا يمكن إيقافه فيها. والواضح ـ إنْ لم أكن مخطئًا ـ فإنها تقوم فقط بتبديل موقفها من المبارزة لتفادي أحدث بنادقنا كما نفعل نفس الشيء معها. قد تتخبط نسخة أو سلالة من الفيروس التي تنجح هناك، في مكان آخر، وذلك طبعًا اعتمادًا على السياق: التطعيم المحلِّي وتاريخ العدوى ـ على سبيل المثال ـ أو عدد الأفراد المسنين والذين يعانون من نقص المناعة.
وربما لأنَّ المشهد المناعي في العالم الآن غير متساوٍ، أصبح من الصعب على الفيروس القيام بتلك الموجة المتزامنة التي فعلتها سلالة أوميكرون في هذا الوقت من العام الماضي. وبلا شك ستواصل محاولات التسلل الفيروسية تلك إلى دفاعاتنا المناعية، ولكن أعتقد هنا: أنَّنا لسنا بحاجة إلى رموز تعبيرية كجرس إنذار لكل متحور يخرج!
من ناحية أخرى، قد تتباطأ وتيرة توالي السلالات والمتحورات الفرعية الجديدة لكورونا في النهاية، ولكن ليس هنالك أيضًا تأكيد لذلك! فلا تزال المناعة في جميع أنحاء العالم غير مكتملة، فقط مجموعة من البلدان لديها إمكانية الوصول إلى اللقاحات ثنائية التكافؤ المحدثة، بينما لا تزال بعض البلدان تكافح للحصول على الجرعات الأولى من اللقاح.
ختامًا، مع اختفاء جميع وسائل التخفيف من كورونا وعلى نطاق عالمي، أصبح من السهل جدًّا على الفيروس أن يواصل تجربة طرق جديدة لإعاقة دفاعاتنا المناعية. وهكذا جاء متحور(اكس، بي، بي) ليكون ربما المنتج والمحفز للانتشار غير المقيد. وفي حالة استمرار ذلك، سيستفيد الفيروس مرة أخرى... فإلى أي مدى يجب أن نقلق بشأنه؟



د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
[email protected]