يُشكِّل البُعد البيئيُّ أحَدَ الأركان المهمَّة التي تقوم عليها قواعد النهضة العُمانيَّة المباركة منذ انطلاقها وحتَّى الآن حرصًا على حقوق الأجيال القادمة من المكتسبات، لذا ينطلق العمل التنمويُّ بمتطلبات بيئيَّة حازمة ظهرت بوادرها في اعتماد حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الحياد الصفريَّ الكربونيَّ بحلول عام 2050م، والالتزام بمتطلبات رؤية عُمان 2040 الذي يُعدُّ المؤشِّر البيئيُّ أحَدَ أعمدتها الرئيسة، وتَسِير خُطى تحقيق التنمية الشاملة المستدامة بجهود تعمل على الحفاظ على موارد البيئة وصونها لضمان استدامة تلك الموارد والحفاظ على مكتسباتها، وذلك بتعاونٍ بنَّاء ومُثمر بَيْنَ الجهات الحكوميَّة وبشراكة مع مؤسَّسات المُجتمع المدنيِّ والقِطاع الخاصِّ.
وتأتي مبادرة استزراع (10) عشرة ملايين شجرة واحدة من المبادرات الواعدة التي ستُعزِّز العمل البيئيَّ في البلاد، حيث سيكُونُ لتلك المبادرة الواعدة دَور كبير في مكافحة التصحُّر والحدِّ من تدهور الأراضي، والمحافظة على النباتات البريَّة من خلال إكثارها والتوسُّع في زراعتها، والمشاركة في زيادة الرقعة الخضراء في سلطنة عُمان، وسيكُونُ لهذا المشروع دَور ملموس في تحسين واستعادة التنوُّع الأحيائي وحماية الأنواع المهدَّدة بالانقراض، وإيجاد بيئة طبيعيَّة للحياة الفطريَّة المستوطنة والمهاجرة، إضافة إلى تأمين الهواء النقيِّ وزيادة نسبة المساحات الخضراء في مختلف محافظات البلاد، والحدِّ من ظاهرة التصحُّر للوصول إلى بيئة وموارد طبيعيَّة مستدامة، والتشجيع على ممارسة أنماط تنقُّل صحيَّة بَيْنَ السكَّان وتحسين مؤشِّرات جودة الحياة بشكلٍ عام.
ويقوم المشروع على المشاركة الفاعلة من كافَّة فئات المُجتمع، وذلك انطلاقًا من أنَّ حماية البيئة مسؤوليَّة جماعيَّة، وأمْرٌ واجبٌ على كُلِّ فردٍ للمحافظة على التنوُّع الحيَويِّ الموجود في البيئة العُمانيَّة، كما سيسعى المشروع إلى إيجاد فرص استثماريَّة أمام المُجتمع المحلِّي والقِطاع الخاصِّ من خلال الاستفادة اقتصاديًّا وطبيًّا من بعض الأنواع، وسيعمل على تعزيز الشراكات بَيْنَ مختلف القِطاعات فيما يتعلق بالمحافظة على الغطاء النباتيِّ في السَّلطنة، وتعزيز الاستدامة البيئيَّة وصولًا إلى الحياد الصفريِّ للانبعاثات الكربونيَّة. ومنذ انطلاق المبادرة تمَّ إنشاء العديد من المشاتل التي تعمل على إكثار النباتات البريَّة لرفد المبادرة بالنباتات المطلوبة، حيث وزع (40) ألف شتلة لكُلِّ محافظة و(70) ألفًا لكُلٍّ من محافظتَيْ مسقط وظفار للوصول إلى الهدف المنشود.
وللتأكيد على مشاركة القِطاع الخاصِّ في تلك الجهود، فقَدْ وقَّعت هيئة البيئة مع المجموعة العالميَّة المتكاملة للطاقة (أوكيو) على ثلاث اتفاقيَّات لتمويل مُبادرات للحفاظ على البيئة، منها تأسيس مشروع مبادرة (أوكيو) الخضراء، لزيادة الرقعة الخضراء عبر زراعة (250) ألف شجرة، بالإضافة إلى دعم حديقة السليل الطبيعيَّة، فيما تتمثَّل الاتفاقيَّة الثالثة في دعم وحدة الاستجابة الأوَّليَّة لحوادث التلوُّث النفطيِّ بمحافظة مسندم، وذلك تأكيدًا على المشاركة النشطة للقِطاع الخاصِّ. ولتعظيم الاستفادة من هذا الاهتمام البيئيِّ، وتحويله لنشاطٍ استثماريٍّ، تبحث سلطنة عُمان تسجيل مواقع لـ(6) محميَّات طبيعيَّة جديدة، سيكُونُ لها دَور جذب مزيدٍ من الاستثمارات في القِطاع السياحيِّ.