يدور الزمان وتتسارع الأيام وتظل بعضها عالقة في ذاكرة الشعوب، ولا شك أن عُمان ومنذ بداية ظهور هذا الكيان التاريخي سجلت أياما لا تنسى من الذاكرة. وإذا توقفنا مع تاريخنا العُماني المعاصر سنجد أن الـ١٨ من نوفمبر سجلت عُمان يوما عظيما في تاريخها عندما شاءت المشيئة الإلهية أن يعلن فجر ذلك اليوم ميلاد قائد مسيرة عُمان الحديثة قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ ولا يمكن أن ننسى تاريخ الـ٢٣ من يوليو عام ١٩٧٠م عندما تولَّى السُّلطان قابوس مقاليد الحكم في البلاد، ولن ينسى العُمانيون أيضا يوم الرحيل الـ١٠ من يناير ٢٠٢٠م ـ رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته. هذا اليوم الذي تقبَّله أبناء عُمان الأوفياء بالرضاء التام والتسليم المطلق لمشيئة الله جلَّ في علاه عندما رحل زعيم عُمان التاريخي، فتلقَّى أبناء عُمان البيان الذي نعى فيه ديوان البلاط السُّلطاني السُّلطان قابوس، فكانت عيون الشعب تترقب ذلك النعش الذي حمل جثمانه إلى مأواه الأخير وقد أبى جلالته ـ رحمه الله ـ إلا أن يقدم درسا للعالم في بساطة ذلك المشهد، وليس غريبا على السلطان قابوس أن يضرب الأمثال للناس حيا وميتا، تقبَّله الله في الصالحين، وجعله من ورثة جنة النعيم، اللهم آمين.
فجر الـ١١ من يناير كان يوما استثنائيا عبَّرت فيه عُمان عن نفسها كما دأبت طوال عهدها من حيث النمط السريع لآلية انتقال الحكم بسلاسة لم يعتد عليها العالم بمختلف دوله وشعوبه. فجاء هذا اليوم ليعلن فيه حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ قَسَم اليمين سُلطانًا لعُمان خلفًا للسُّلطان قابوس، ومُجدِّدًا لعهد عظيم توالت فيه المنجزات لتستمر نهضة عُمان بقيادة مُجدِّد نهضتها الذي آلَ على نفسه إلا أن يسير على خُطى السُّلطان الراحل، فما أعظمها من بشارة تلقَّتها أفئدة العُمانيين وقلوبهم بالاطمئنان والسرور لتسير قافلة الخير تمضي في عز وأمان يحرسها الرحمن.
هكذا أرادت المشيئة والحكمة الإلهية لهذا الوطن العزيز، ولا شك أن هذا الشعب العظيم يدرك هذه التحوُّلات ويدرك الصعوبات وقد نذر نفسه للتضحية من أجل عُمان، وها نحن أبناء عُمان نُجدِّد عهد الولاء والوفاء والعرفان من السُّلطان قابوس ـ رحمه الله ـ إلى جلالة السُّلطان هيثم ـ أعزَّه الله ـ سائلين المولى القدير أن يحفظ عُمان ويكلأها بنعمه ظاهرة وباطنة، لتبقى عُمان منارة مضيئة يعمها الرخاء، وينعم أهلها بالأمن والاستقرار والازدهار، إنه تعالى سميع مجيب، والحمدلله رب العالمين.


خميس بن عبيد القطيطي
[email protected]