حين تصل إلى أرض مجان وتشعر بحلاوة اللقاء، ويأتي البريق إلى عينينك فتكتحل في اندهاش بنور ملء الأرض والسماء ويقترب لمعانه أكثر فأكثر، تعرف على الفور أنه بريق الخنجر العُماني فضي الملامح معصوم بأصالة العاج وعرق الأجداد، ثم تتنفس رائحة تفوق رائحة المسك في جمالها والعنبر في رحيقه والياسمين في انتعاشته فتسأل عن هذا فتصلك الإجابة بوجه جميل تعلوه ابتسامة وفي يده مبخرة تعرف أنها مصدر هذا الاندهاش، حينها فقط تعلم أنك في سلطنة عُمان، فهي ليست كغيرها من البلدان، لها أُناس يستقبلونك وكأن ما بينكم دهرا من الصداقة واللقاءات، ويسألونك شو أحوالك وعلومك وأخبارك وأهلك، ويقفون على حاجتك ليقضوها دون منَّة أو ادعاء.
هذه هي سلطنة عُمان التي تحتفل بيوم خالد في تاريخها يوم 11 يناير 2020م، ذكرى تَولِّي جلالة السُّلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحكم.
استقبل أبناء عُمان خبر تَولِّي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بكل الولاء والعرفان، فهم يعرفون جيدا عبر تاريخه المجيد في مناصبه المختلفة التي تقلدها سابقا أن له من الصفات والخبرات ما يؤهله لحمل هذه الأمانة ليواصل مسيرة البناء والعطاء بعد أن حمل عاتقة مسيرة النهضة المتجددة في ظل أجواء عالمية شديدة الخطورة، وكان أكثر المتفائلين لا يحلم بأكثر من تثبيت الأمور كما كانت عليه في السابق، إلا أن جلالة السُّلطان حمل معه الآمال والأحلام وعبر بها إلى أكثر من الأحلام لتكون سلطنة عُمان ليست فريدة في قيادتها وحسب، بل هي فريدة في الخروج من الأزمات العالمية وهي تحقق الإنجازات الممهورة بالإشادات الدولية، لتثبت أنها حكاية سلطنة وسلطان وشعب واعٍ استمع إلى ما دعا إليه جلالة السُّلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ـ منذ تولِّيه مقاليد الحكم مطالبا أبناء عُمان المخلصين إلى مواصلة الحفاظ على منجزات النهضة والعمل “من أجل رفعة هذا البلد وإعلاء شأنه والارتقاء به إلى حياة أفضل” وأطلق رؤية واضحة الأهداف “رؤية عُمان 2040” تشمل مختلف الجوانب وتلبِّي مستوى الطموحات.
فكان أبناء عُمان بهدوئهم ونفسهم النقي، وتقاليدهم الصادقة التي اكتسبوها من إيمانهم العميق بقائدهم وخبراته الكبيرة فكان التلاحم مع قيادتهم، التي استمعت إليهم في أحلامهم ورؤاهم وكل الأطروحات التي تجول في خواطرهم، لتصل سلطنة عمان إلى ما لم يصل إليه الكثير من الدول التي تملك من المقوِّمات ماهو أكثر بكثير، إلا أن عُمان بها قائد وشعب تصادقوا على حُب الوطن، فكان استمرارا لنهج اتبعه سلطان القلوب قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ فكانت عُمان الدولة العصرية بمؤسساتها التي تعمل على توفير كل ما هو حديث في مجالات الصحة والتعليم والبحث العلمي والابتكار والتنويع الاقتصادي والاستدامة المالية مع منظومة حماية اجتماعية تهدف إلى استمرار مستوی العيش الكريم.
إن ما تحقق على أرض عُمان منذ تَولِّي جلالة السُّلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ـ يثبت بالأرقام نتائج إيجابية في تسجيل انخفاض في العجز، السيطرة على الإنفاق العام وتسجيل انخفاض في الدَّين العام وارتفاع احتياطيات البنك المركزي من العملة الأجنبية، إلى جانب تعديل جميع وكالات التصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للسلطنة إلى مستقرة وإيجابية، وتحسُّنًا ملحوظًا بشهادة التصنيف الائتماني الذي أقرَّته بعض المؤسسات العاملة في هذا المجال حيال وضع سلطنة عُمان، والتي دللت على نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الأول من عام 2022 حيث نما بنسبة 32.4 بالمائة ليصل إلى نحو 20.26 مليار ريال عُماني، مقارنة بنحو15.30 مليار ريال عُماني خلال النصف الأول من عام 2021وعلى مستوى الدبلوماسية العمانية شهدت سلطنة عُمان استمرارا لدورها المتميز الإقليمي والعربي الإسلامي المتمثل في الدبلوماسية العُمانية والتي كعادتها كانت نبراسا لتطوُّر العلاقات مع دول العالم، والتي تأتي نتائجها في صالح الإنسانية، فيأتي قادة دول العالم ليستنيروا من القيادة العُمانية الحكيمة الراسخة التي تعتمد على نزع فتيل الأزمات وتفضيل العقل ومصلحة الشعوب على الاقتتال، وتشهد العديد من المواقف التي يتطلب التدخل العماني فيها على نجاح النهج الدبلوماسي العماني، وأن النهج العماني في ظل قيادة جلالة السُّلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ يدل على اهتمام سلطنة عُمان بالتعاون مع كافة الدول، يشير بوضوح إلى ثبات السياسة الخارجية العُمانية القائمة على أُسس متينة داعمة للسلم والأمن الدوليين وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
هذه سلطنة عُمان التي تسير بقطار النهضة المتجددة في ظل قيادة محبة للوطن والمواطن لتكون نموذجا للدولة العصرية نفخر به كعرب، ونتمنى أن يطبق في بقية الدول العربية، هنيئا لعُمان وشعبها بقيادة حكيمة ودولة عصرية يشار إليها بالفخار.



جودة مرسي
[email protected]
من أسرة تحرير «الوطن»