تُعد القيادة عرجاء بدون العلاقات العامة، هذا هو مفهوم القيادة الحديثة وبالتحديد القيادة الرشيقة؛ لأن من أهم عناصر القيادة وحجر الارتكاز هو قوة العلاقات العامة بمحيطه لكي يحقق أفضل النتائج في أقصر وقت ممكن وكذلك بأقل الإمكانيات والخسائر. وهناك مفردات وسمات بالعلاقات العامة ذات تأثير مباشر على مفهوم القيادة التي تعتمد كثيرًا على كفاءة القائد التي تدير كفة القيادة والعلاقات العامة في ساحة العمل.
وتركز المدارس الدبلوماسية الأجنبية كثيرًا على العلاقات العامة لأنها ترفد مفهوم القيادة وتحقق ترابطًا وثيقًا بين هذه المفاهيم الثلاثة: (الدبلوماسية، القيادة، العلاقات العامة).
ولقد تطرقنا بالمقال السابق حول صفة التواضع وأهميتها على مفهوم القيادة، واليوم نخوض بالدرجة الأساس إلى أهمية العلاقات العامة من خلال سماتها وعناصرها ورموزها. كما هو معروف فإن الدبلوماسية هي استراتيجية وأداة الحكومة لغرض تحقيق أهدافها السياسية الخارجية، ويستند مفهوم الدبلوماسية إلى القيادة والعلاقات العامة كثيرًا والتي تحتاج إلى كاريزما وشخصية بارعة من القائد بفن العلاقات العامة والإقناع. تعرف العلاقات العامة بأنها عملية تواصل استراتيجية لبناء علاقات متعددة الفوائد بين الطرفين، ويرجع تاريخه إلى أوائل القرن العشرين الميلادي؛ فحتى ذلك الوقت كانت العلاقات العامة ذات تعريفات متعددة ومتغيرة نظرًا لتغير قواعد العلاقات العامة والتقدم التكنولوجي، فالتعريف القديم لها كان مقتصرًا على وكالات الأنباء والدعاية التجارية والإعلان على عكس التعريفات الحديثة التي تعتمد بشكل أكبر على مفاهيم المشاركة والالتزام وبناء العلاقات وتبادل المصالح.
العلاقات العامة، ومن خلال السياقات الإدارية المتعارف عليها، تتمثل في الربط بين القائد أو الشخص المسؤول ومحيطه الخارجي، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي من حيث عكس الصورة الإيجابية والمقنعة للأهداف المخطط لها، وبالتالي فإن وظيفة العلاقات العامة تتلخص في الترويج بأبهى صورة عن الأهداف الموجودة ضمن جعبة القائد أو الدبلوماسي كما تفعل الإعلانات التجارية في الترويج عن المنتجات المختلفة، حيث يركز الخبراء في العلاقات العامة على جذب الانتباه نحو ذات الجهة بهدف تفعيل الترويج لأفكارها. تضيف العلاقات العامة قيمةً جوهرية من خلال مساعدتها على إدارة سمعتها بصفتها مختصة بقيادة إدارية استراتيجية، وذلك بالاعتماد على فنون وعلوم التواصل المرتبطة بتحليل توجهات القيادة والمصالح المتبادلة، وتقديم الاستشارات التنظيمية.
يعتمد قسم العلاقات العامة على ركائز عملية مهمة لأداء مهامه، ومن أبرز تلك الركائز هي: العمل وفق خطط منظمة ومدروسة، إنشاء العلاقات المشتركة بين جميع الأطراف وإن لم تكن هناك مصالح مشتركة، تقديم الآراء حول أهمية إقامة نوع ودرجة العلاقات العامة مع الطرف س، تشريع سياسات القيادة ومفهوم العلاقات العامة وتنظيم إجراءاتها، الحرص على أن تكون السياسات والإجراءات متوافرة الأدوات.
أهداف دائرة أو قسم العلاقات العامة: إعطاء صورة لائقة عن الجهة المرتبطة بها أمام المجتمع والمؤسسات الأخرى، إبداء الاهتمام بالرأي العام على المستويين الداخلي والخارجي، المشاركة في تقديم المشورة لإدارة قيادة الجهة المسؤولة في حال اتخاذ أي قرار أو سياسة معينة، حماية أهداف القيادة من خلال إعداد البرامج الاحتياطية التي تقدمها خلية أو دائرة العلاقات العامة من الوقوع بأي مشاكل، الحرص على تكوين علاقات طيبة بين الجميع، جذب الموظفين ذوي المهارات والكفاءات العالية في دائرة العلاقات العامة. سمات وفعاليات العلاقات العامة: هو التحدث في مختلف المؤتمرات الصحفية والندوات والإعلان من خلال المنشورات، والكتيبات، والمجلات، والصحف، تحمُّل العلاقات العامة مسؤولية النشاطات الإعلامية للجهة الحكومية أو الخاصة، تهيئة الأدوات والإمكانيات ضمن مفردات القيادة الرشيقة لكي تحقق الأهداف المرجوة.
العلاقات العامة تبني وتركز بالدرجة الأساس على مهارات متعددة ومهمة للغاية والتي ترفد القيادة والقائد ومنها: مهارات تواصل اجتماعي عالية على مستوى الحديث والكتابة والشخصية، مهارات التعامل مع الضغط والمشكلات المتنوعة، مهارات التخطيط والإدارة والقيادة، مهارات تكنولوجية متعلقة بمحطات التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا المتعلقة بالعلاقات العامة، المعرفة بمجال الأعمال، مهارات إعلامية فيما يتعلق بالتعامل مع الصحفيين بشكل احترافي.


د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق وأكاديمي