إخلاص منقطع النظير.. وطنية حقة.. جهود جبارة ومساعٍ حثيثة للحفاظ على ثروات الوطن وحقوق المواطن.. هذا أقل ما يمكن أن نصف به المجهودات التي يقوم جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة.. فقد شعر كل مواطن بالسعادة والاطمئنان والأمان حينما نشر الجهاز مؤخرا ولأول مرة في تاريخه ما أسماه بملخص المجتمع الذي يتضمن نتائج أعماله الواردة بتقريره السنوي لعام 2021م من حيث أنواع المهام الرقابية وعددها وملاحظاته على الهيئات والمؤسسات العامة والشركات التجارية والصناعية وقطاعات النفط والغاز والتعدين والتعليم وغيرها، فحدد الخلل في بعض القطاعات كالتعليم وأرفق الحلول في شكل ملاحظات يمكن للوزارة الاستعانة بها لتصحيح الأوضاع.. وتعامل مع 101 قضية إدانة ما بين تزوير ورشوة وتبديد للمال العام واستغلال للمنصب والإخلال في أداء الواجب الوظيفي وإساءة استعمال الوظيفة ليعزز من مبدأ النزاهة في تلك القضايا.. إلى جانب التعامل مع الشكاوى والبلاغات التي بلغت 505 خلال عام 2021م ووردت إليه من أبناء المجتمع.. بالإضافة إلى متابعة بعض المؤسسات ووحدات الجهاز الإداري والشركات ومعرفة مدى استجابتها لتقديم الإقرارات الضريبية الصحيحة بعد معرفة الإيرادات الحقيقية والتي تبين تهرب العديد منها وإخفاء البيانات الصحيحة مثل بعض شركات التعدين والتي اتضح أن عليها مبالغ مستحقة بالملايين.. ولا ننسى الإنجاز الكبير باسترداد مبالغ لصالح الخزانة العامة للدولة وصلت إلى 76 مليونًا و500 ألف ريـال.. وغير ذلك مما ورد في التقرير الذي اطلع عليه المواطنون بالتفصيل على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحف.
لا شك أن تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك صواب السياسة الحكيمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي دعا منذ اليوم الأول لحكمه السعيد بأهمية تطبيق النزاهة والمحاسبة والمساءلة ثم الشفافية مع المواطنين، حيث عدَّ هذه المبادئ من أهم متطلبات الرؤية المستقبلية 2040 التي يجب أن تقوم على الإخلاص والوطنية والولاء. إن الشفافية والنزاهة التي تعامل بها الجهاز في مهامه الرقابية ستقف حائط صد لكل من تسوِّل له نفسه العبث بممتلكات الدولة أو التلاعب بالمال العام أو استغلال النفوذ والمنصب لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الوطن.. فهناك مسؤولون يضربون بيد من حديد لكل من يفكر في ارتكاب جريمة تشوه الوجه الحضاري للدولة.. وما يتمتعون به من خبرة وكفاءة وذكاء سيتيح لهم التقدم بالبلاد نحو الأمام وتوفير الأمن والاستقرار وتحقيق الرفاهية والرخاء للمواطن.
إن حكومتنا الرشيدة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لا تألو جهدا من أجل تحقيق الاستقرار والأمان للبلاد، وترسيخ مبادئ العدل بصفته فضيلة سامية تصبو إلى تحقيقها كل القوانين والنظم الإنسانية في كل زمان ومكان.. فأصبحنا نلمس شفافية وعدلًا ونزاهة في كل ما يتعلق بالمخالفات الإدارية والمالية لأي موظف حتى لو كان مسؤولًا كبيرًا.. فلا أحد فوق القانون والكل تحت مظلة العدل سواء والأهم هو مصلحة الوطن العليا.
لقد أثبت جلالة السُّلطان المفدَّى أنه رجل أعمال لا أقوال فطالما نادى بأن العُماني هو محور اهتمامه وأن النهضة المتجددة المباركة إنما قامت من أجل الارتقاء به، وأن جميع الخطط التنموية إنما وضعت من أجل تحسين أوضاعه.. وها هو يترجم ذلك على أرض الواقع ويثبت بالدليل الدامغ أن مصلحة الوطن والشعب فوق كل اعتبار؛ لأن جلالته يعلم جيدا أن الفساد والإهمال وعدم المبالاة والرشوة من أكثر العوامل التي تقضي على حيوية أي مجتمع وتزرع بذور الاحتقان والقهر بين أبنائه.
لا شك أن ملخص المجتمع الذي نشره جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة يعطينا الأمل في أن الأخطاء المتراكمة التي تعشش في بعض الإدارات يمكن إصلاحها بالتشبث بروح المسؤولية الوطنية ومساعدة المسؤولين على كشفها وعلاجها بالتدريج والرفق والحكمة وتقدير عواقب الأمور.. كما أنه بمثابة جرس إنذار لكل مسؤول بأن جميع تصرفاته سوف تكون تحت الميكروسكوب وستتابع بكل دقة وسيتم وضعها في الميزان هل تسير في اتجاه المصلحة العامة وصالح المواطن؟ أم أنها تحمل نيات أخرى..؟ لذا على كل مسؤول أن يلتزم بالشفافية والمصداقية في التعامل ووضع صالح البلاد والشعب في مقدمة أولوياته حتى تغدو بلدنا في مقدمة مسيرة التنمية، وأن ترتقي قراراته وخططه لطموحات الناس وتقوم بتلبيتها، فلا مجال للمحسوبية والرشوة والوساطة، وأن يستلهم من قائدنا المفدى سياسة الحماس والإخلاص في العمل الدؤوب دون كلل أو ملل والتواضع بالاستماع لمطالب الناس مباشرة دون حواجز ولو وصل الأمر للنزول لهم بالشوارع.
إن الأيام القادمة تحمل الخير لعُمان إن شاء الله إذا صدقت النيات وتعاضد الجميع من أجل بناء الوطن وتجديد النهضة على أساس متين وقوي بالتخطيط السليم والجهد المضني المخلص الذي يصبُّ في صالح الوطن ليرتفع البناء وتعود البلاد رائدة ومثلا يحتذى في كل المجالات فعُماننا تستحق منا التضحية والصبر والحفاظ على المنجزات التي تمت بجهد وعرق الآباء والأجداد.
**********
إقدام بعض المتطرفين في السويد على إحراق نسخة من المصحف الشريف فعل استفزازي يستخف بمشاعر المسلمين ويجرحهم ويتعمد إهانتهم ويثير حفيظتهم، ويدل على مدى ما تخفيه صدورهم من غل وكراهية وحقد على المسلمين.. ويشير إلى أن هناك مخططات خبيثة لتأليب الرأي العام العالمي ضد الإسلام والمسلمين، وهو ما يجب أن نتنبه لها ونعمل على إحباطها قبل أن يتفاقم الوضع وتصبح الحروب القادمة حروبا دينية. ولقد أحسنت سلطنة عُمان صنعا عندما أعربت عن استنكارها لهذا الفعل البغيض عن طريق بيان صادر من وزارة الخارجية.. فلا بد أن نتصدى لحملات الكراهية ضد المسلمين في الغرب التي تزداد ضراوة وشراسة.. فعلى الدول الإسلامية أن تقف وقفة جادة من حملات التحريض التي يشنها المتطرفون في الغرب فتربط المصالح والعلاقات الاقتصادية والسياسية بالمواقف والتصرفات التي تمسُّ المسلمين ومعتقداتهم وقِيَمهم ومظاهر تدينهم وإظهار الصورة الحقيقية للإسلام والكشف عن مبادئه السمحة.. فالحضارة الإسلامية قامت على احترام التعدد ولم تعرف حرق الكتب ولا إهانة المقدسات حتى في أكثر مراحل الصراع السياسي احتداما، أما الذين يتعمدون الإساءة للقرآن الكريم ومقدسات المسلمين فإنما يريدون إشاعة العداوة والبغضاء حتى لا يتم الفهم العاقل المستنير لحقائق الإسلام وفضائله ولكنهم لا يعلمون أن الله متم نوره ولو كره الحاقدون والجهلاء.
على المسلمين سرعة التحرك بعقلانية وموضوعية والدفاع عن كتابهم المقدس ودينهم السامي بالوسائل القانونية المشروعة عن طريق السعي لاستصدار قانون يجرم الإساءة للأديان والرموز الدينية والاعتداء على المقدسات..



ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني