[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
ليس من باب التواضع عندما ينعى نتنياهو مستقبل جيشه وهو يسلم رئاسة اركانه الجديدة لأيزنكوت، فهذا الجيش يتحرك اليوم بموجب صيت قديم عمره عشرات السنين بأنه قهر العرب ولم يقهره احد، وبان تاريخه من الأرباح كثير .. قهرهم في العام 1967، ثم عاد واسترد ماخسره في العام 1973 على الجبهة السورية في حين غير موازين القوى بعد معارك مع الجيش المصري في العام نفسه.
عندما هزم العرب عام 67 قرأت مقالا لكاتب استراتيجي رأى فيه ان اسرائيل دقت اول مسمار في نعشها. كانت الابواق كلها تنعى الجيوش العربية، كما تنعى الأمة بأسرها. بعدها بسنوات قال الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد كلمته المشهورة ان انتصارات اسرائيل ستكون فخا لها. وبعد اجتياحها للبنان ووصولها الى بيروت عام 1982 نبت مالم تكن تتوقعه، بل انتفض البلد المهزوم ليقود اكبر معركة تحرير في التاريخ الحديث وصل ذروته عام 2000 ، فكان عددا من المسامير في النعش الاسرائيلي، الى ان حان القطاف الوطني اللبناني في انتصار مذهل على هذا الجيش عام 2006 ، ادى ليس الى تغيير المعادلة النهائية لمشوار الجيش الاسرائيلي مع معادلات المنطقة الجديدة، وانما الى تحديد إمكانيات هذا الجيش، ومن ثم حصاره في اكبر معركة حصار، كان بمثابة ضربة في صميم المجتمع الإسرائيلي أيضا.
اليوم يتأمل الجيش الإسرائيلي معارك جنوب سوريا بالكثير من الرهبة .. فماذا فعلت عملية شبعا لحزب الله كي يمتنع عن فعل او رد فعل وان يحسب الف حساب لأي تدخل مباشر من جانبه. العقاب الذي ناله هذا الجيش في تلك العملية جعله متمهلا او ممتنعا كما هو واقعه اليوم عن ارتكاب اية حماقة قد تكلفه معركة او حربا مجهولة النهايات بالنسبة اليه.
عندما ينعى نتنياهو جيشه، يسمي بالمقابل مستقبل كيانه الذي غرق في المجهول، ان لم نكن في المعلوم الذي يتأكد يوميا عن ان مستقبل اسرائيل الى أفول .. وانها الكيان الذي عمر اكثر مما ينبغي، ليس لاسباب تتعلق بقوته العسكرية او المجتمعية، وانما لعجز العرب، ولتسليم بعض هذا العرب بوجود اسرائيل كعامل مهم في تثبيت انظمته.
عندما يعجز جيش قدمت له الولايات المتحدة وكذلك الغرب كل السلاح المتطور والنوعي اضافة الى الخبرات، يذهب البعض الى قدرات الجيل الإسرائيلي الجديد الذي فشل في ان يكون تكملة لمن سبقه من اجيال مؤسسي هذا العدو، فيما الحقيقة الكامنة، ان العامل الاكبر بروز قوة توازن في وجهه، والتوازن في المفهوم الاستراتيجي لهذا الجيش تجاوز له ..
كان الأجدى بالجيش الاسرائيلي ان يتدخل لحماية الفصيل الذي تربى في حضنه وفي كنفه وهو النصرة وتوابعه، ومن المؤكد ان عناصره كثيرا ماأرسل نداءات استغاثة للاسرائيليين من اجل انقاذه، لكن الموانع المتعددة وحسابات العجز ومنها مابعد تدخله ان تدخل، هي التي تقلق قادته، ويعتقد رئيس الأركان الجديد ايزنكوت انه امام مهمة شاقة الاساس فيها اعادة بناء الثقة بجيشه، وهو امر صار من الماضي، ولن يتمكن لاهو ولا غيره من اعادة ترميمها.