لقد منَّ الله تعالى علينا جعلنا من عباده الموحدين، الذين يوحدونه ولا يشركون الأمر الذي يميز أهل الإيمان عما سواهم يوم يقوم الناس، وقد ميزنا الله تعالى بقولنا:(لا إله إلا الله) تلكم الكلمة التي ينجو الناس بها من الناس، ولو قالها كل من كان يتمنى لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لنجوا ولكن الله تعالى منّ بها على من أراد منهم ومن شاء لهم الهداية، ولهذا وجب علينا نحن أهل التوحيد أن نزيد من قولنا (لا إله إلا الله) فهي سفينة النجاة التي بها ننجو من النار، بل ويجب أن نجدد بها دوما العهد مع الله بتجديد الإيمان به سبحانه، (قَالَ رَسول اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “جَدِّدُوا إِيمَانَكُمْ “، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ نُجَدِّدُ إِيمَانَنَا؟ قَالَ: أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ”) (مسند أحمد، ط: الرسالة 14/‏ 328، برقم: 8710).
وهي الكلمة التي بها النجاة، فقد كان عليها الجلة الإثبات، بمن على الحياة أو من ماتوا، أرسل الله الرسل إلى الناس بها، ففي (الجامع الصحيح للسنن والمسانيد 31/‏151):(عَنْ عَلِيٍّ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّم:”أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ قَبْلِي عَشِيَّةَ عَرَفَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”).
وقد ذكر لنا القرآن الكريم هذا المنهاج الذي كان عليه النبيون من قبل محمد ـ صلوات ربي وسلامه عليه (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء ـ ٢٥)، فمنهم نوح (عليه السلام) كما في (مسند أحمد، ط: الرسالة 11/‏ 150 برقم: 6583):(عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو عن النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم:”أن نوحًا قالَ لابنِهِ عندَ موتِهِ: آمرُكَ بلا إلهَ إلا اللَهُ، فإنَّ السماواتِ السبعَ والأرضينَ السبعَ لو وُضعِتْ في كِفة ووضِعَتْ لا إلهَ إلا اللَهُ في كفةٍ، رجحتْ بهن لا إلهَ إلا اللَهُ، ولو أن السماوات السبعَ والأرضينَ السبعَ كن في حلقةٍ مبهمةٍ قصَمتهُن لا إلهَ إلا الله”)، وكذلك رسول الله موسى (عليه السلام) كما في (المستدرك على الصحيحين للحاكم 1/‏ 710):(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: “قَالَ مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَذْكُرُكَ بِهِ وَأَدْعُوكَ بِهِ، قَالَ: يَا مُوسَى قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: يَا رَبِّ كُلُّ عِبَادِكَ، يَقُولُ هَذَا، قَالَ: قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ يَا رَبُّ، إِنَّمَا أُرِيدُ شَيْئًا تُخُصُّنِي بِهِ، قَالَ: يَا مُوسَى لَوْ كَانَ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ، وَعَامِرُهُنَّ غَيْرِي، وَالْأَرَضِينَ السَّبْعُ فِي كِفَّةٍ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ مَالَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، ولِمَ لا وهي أحسنُ الحسناتِ وأفضلها، وهي المقربة من الجنة والمباعدة عن النار، ففي (جامع العلوم والحكم، ت: الأرنؤوط 1/‏ 397):(عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي عَمَلًا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ: إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً، فَاعْمَلْ حَسَنَةً، فَإِنَّهَا عَشْرُ أَمْثَالِهَا قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنَ الْحَسَنَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: هِيَ أَحْسَنُ الْحَسَنَاتِ).
وهي الكلمةُ الَّتي يصدِّقُ اللَهُ قائِلَهَا، كما ورد في (الجامع الصحيح للسنن والمسانيد 28/‏ 317):(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّم:”مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، صَدَّقَهُ رَبُّهُ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَأَنَا أَكْبَرُ، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، قَالَ اللهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، قَالَ اللهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي لَا شَرِيكَ لِي، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، قَالَ اللهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، لِيَ الْمُلْكُ وَلِيَ الْحَمْدُ، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، قَالَ اللهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِي، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّم ـ يَقُولُ: مَنْ قَالَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ، لَمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ”) وفي رواية:(لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ).. فاللهم اجعلنا من الذاكرين ولا تؤاخذنا إذا لهينا وإذا غفلنا أو نسينا.


محمود عدلي الشريف
[email protected]