استوقفني عنوان «الاستجابة المركزية للطوارئ»، العنوان جاء في إطار مسعى إدارة ميناء صحار في سلطنة عُمان خلال توقيع اتفاق عمل مع إحدى الشركات المتخصصة في كيفية مواجهة الحالات الطارئة، وبالدرجة الأساس الحالات التي يقتضي التصدي لها المزيد من المعارف التطبيقية الميدانية التي لا يمكن توافرها إلا من مهارة مكتسبة يتأسَّس وجودها من خلال التدريب وامتلاك اليَّات على درجة من القدرة التقنية وأساليب استخدام أمثل. الواضح من الأفكار التي تضمَّنتها بنود الاتفاق، أن المؤسسة المعنية، أقصد إدارة ميناء صحار، وصلت إلى درجة من النضج في الرشد الإداري في استيعاب مفهوم إدارة المخاطر، بل إن التعاطي مع هذا الموضوع ليس جديدًا على مؤسسات الدولة العُمانية إذا أخذنا بنظر التوصيف أن نصَّ الاتفاق الذي تم التوقيع عليه معروف لدى مؤسسات أخرى، وهذا بحد ذاته مؤشر مهم لطبيعة المنهج العُماني في الاحتساب لمعوِّقات التنمية المستدامة.
لقد أصبحت ثقافة الاستجابة للطوارئ إحدى منصَّات العمل في العالم مع تعقُّد البنية الاقتصادية، وتوسُّع احتمالات المخاطر بثلاثة أسباب باتت معروفة، أولها احتمال الخطأ البشري نتيجة الإهمال أو قلة الدراية أو التخريب المتعمد. الثاني، بسبب قصور في التقانة المعتمدة من احتواء متطلبات العمل وفرص الاستثمار المضافة لواقع اقتصادي دولي تسيطر اعتبارات المنافسة على حركته، وهناك قلق إيجابي مشروع ينبغي ان يرافق عمليات الإنتاج مهما كان نوعها. الثالث، نتيجة الحالات الطارئة ضمن المحيط البيئي العام. وإذا كان لنا أن نضيف في خضم الأسباب الثلاثة فلا بُدَّ أن نشير إلى أن سلطنة عُمان بحكم المتغيرات الكثيرة التي حصلت في بنيتها الاقتصادية لصالح التنمية المستدامة تستدعي منظومة واسعة من متطلبات الاستجابة للطوارئ على أساس امتلاك منظومات للإنذار المبكر والرصد المتواصل مع فحص دوري لهذه المنظومات للتأكد من قوة احتواء المخاطر والعمل على تفكيكها، خصوصًا في بيئة باتت المتغيرات المناخية الحادَّة عنصرًا متكررًا فيها وإن كانت قراءة نشرات الطقس تنبئ عن أحوالٍ جويةٍ مغايرة.إن الاستجابة المركزية للطوارئ في ميدان العمل، أي ميدان يحقق عددًا من الأهداف، فهو يُؤسس لمعايير ضبط إيقاع العمل من منطلق الانتباه إلى كل حيثياته، ويقلل الخسائر في حالات حصول المخاطر، فضلًا عن أنه يزيد من قوة نظم السيطرة والتقييس إذا أخذنا بالواقع أن المخاطر تسبب هدرًا في الوقت، إذ إنه يسحب العاملين إلى معالجة الاختلالات التي تترتب نتيجة حدوث الطوارئ. لا شك أن هذا النوع من المعارف الميدانية بمفردات اختصاصية، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية أن تتحول هذه التوجهات إلى ثقافة عامة بعد تزايد المخاطر، فكلما تطورت أدوات العاملين، توافرت انسيابية للسلامة المهنية. أما التطور اللازم فهو حوكمة الاستجابة للطوارئ من منطلق وحدة التنمية المستدامة، إذ إن خللًا في مؤسسة ينعكس سلبًا على مواقع مؤسسات أخرى، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن بيئة الموانئ العُمانية هي من أهمِّ مصادر الدخل الاقتصادي العُماني نظرًا للموقع الجغرافي الوسطي الذي تتمتع به الموانئ العُمانية ضمن شبكة النقل البحري بين شرق العالم وغربه. لقد أصبح الاحتكام إلى استجابة الطوارئ مؤشرًا واضحًا لتطوُّر الخدمات التجارية الدولية وما تحتاجه بواخر البضائع من صيانة بين الحين والآخر، فضلًا عن أنه يفتح آفاقًا للوظائف المتخصصة بالسلامة الإنتاجية، وبعكس ذلك، يكون التذبذب في أمن العمل مدعاة لهيمنة احتمالات الخطر.



عادل سعد
كاتب عراقي
[email protected]