ليس من مبالغة القول بأن مواجهة حكومة نتنياهو الجديدة، حكومة اليمين التي تضم غلاة المتطرفين والفاشيين ليس بالأمر السهل على الفلسطينيين وحدهم، لكنه يتطلب بالضرورة دورًا خاصًّا منهم، يتم من خلاله استحضار القدرة الكامنة الفلسطينية، وأوراق القوة الفلسطينية المتوافرة، وفق أجندة محددة، تضمن:
أولًا: تفعيل الكفاح السلمي الديمقراطي، وبالوسائل المتوافرة، في وجه الاحتلال، وعصابات المستوطنين المسلحين، ومجموعاتهم التي تعيث فسادًا في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، وقد وصلت أعداد هؤلاء المستوطنين نحو 600 ألف مستوطن، يُمثلون أعتى مجموعات التطرف والإرهاب في دولة الاحتلال «الإسرائيلي».
وثانيًا: رفع وتيرة فعاليات المقاومة الشعبية على الأرض ضد الاستيطان الاستعماري والحواجز العسكرية والتصدي لمحاولات إقامة البؤر الاستيطانية من قبل المستعمرين على أراضي المواطنين ومشاركة الجميع في هذه الفعاليات.
وثالثًا: وبالتوازي مع العمل الشعبي على الأرض، وضع آليات عملية للضغط على الاحتلال لوقف عدوانه وجرائمه ضد شعبنا، وخصوصًا فرض عقوبات ومقاطعته ومحاكمته على هذه الجرائم لوضع حدٍّ لها، وخصوصًا أمام المحكمة الجنائية الدولية التي لا بُدَّ من تسريع آليات عملها في ظل استمرار سياسة الاستهتار من قبل دولة الاحتلال بكل القوانين والشرعيات الدولية. وبالفعل فإن حالة من الهلع تسيطر على مفاصل دولة الاحتلال «الإسرائيلي» خشية من محكمة الجنايات الدولية. لذلك تم الإيعاز من قبل حكومة نتنياهو بوقف تنقل العديد من الضباط والأمنيين وحتى السياسيين إلى خارج فلسطين المحتلة.
ورابعًا: في التوجُّه نحو المجتمع الدولي، وهيئاته المسؤولة، للضغط على دولة الاحتلال «الإسرائيلي»، ومنعها من تطبيق سياساتها القائمة على «الضم» والتهويد وابتلاع الأرض الفلسطينية، تلك الهيئات الأممية التي ترى بـ»حل الدولتين» حلًّا وحيدًا ومقبولًا ويستند إلى الشرعية الأممية والقانون الدولي، وهو ما يضمن قيام دولة فلسطينية فوق كامل الأرض المحتلة عام 1967، وحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة وفق القرار الأممي 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11/12/1948.
وخامسًا: وفي ظل تعنُّت دولة الاحتلال، وتدميرها العملي للحل الأُممي «حل الدولتين»، التأكيد على التوجُّه الجدي القائم على التحلُّل من التزامات منظمة التحرير الفلسطينية، بموجب الاتفاقيات والتفاهمات القائمة في إطار «عملية التسوية». ووفق هذا المنظور، فإنَّ الرد الفلسطيني يُمثِّل فعلًا وطنيًّا يلتف حوله الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، والذي من المنطقي جدًّا له أن يتوقع استعداد ممثله الشرعي الوحيد لإعادة النظر بكل ما جرى خلال السنوات الماضية من عمر عملية التسوية الغارقة بالأوحال، وفي ضوء ما آلت إليه القضية الفلسطينية في أعقاب التحوُّل المذكور. وخلاصة القول، مع حكومة ائتلاف نتنياهو، ارتفعت سخونة الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى جبهة الصراع مع الاحتلال، وكل التوقعات واردة وممكنة، وهو ما يفترض بجميع القوى الفلسطينية تنحية التباينات فيما بينها لصالح الهمِّ الوطني العام والاستعداد للمرحلة الصعبة القادمة، بما في ذلك التوافق في إطار وطني شامل، يضمن مشاركة كل القوى الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وكافة مؤسساتها؛ باعتبارها المظلة التي تجمع الشعب العربي الفلسطيني في الداخل والشتات، وتوجِّه نضاله وكفاحه الوطني.



علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]