من المعروف أن الجمعيات تدار من قبل مجالس إدارة منتخبة، وأن رئيس مجلس الإدارة هو قائد الجمعية الذي يقود المتطوعين لخدمة المجتمع. وقد نظمت التشريعات والقوانين طريقة اختيار رئيس مجلس إدارة الجمعية التطوعية بحيث يتم الاختيار عن طريق الانتخاب الحر، حيث يقوم أعضاء الجمعية المتطوعون والذين يشكِّلون أعضاء الجمعية العمومية بفتح باب الترشح لانتخاب أعضاء مجلس إدارة للجمعية من بينهم، ويتم اختيار أعضاء مجلس الإدارة عن طريق الانتخابات، وتراقب هذه الانتخابات عادة من الجهة الحكومية التي تشرف على أداء الجمعيات.
ويقوم المتطوعون الأعضاء بالجمعية العمومية باختيار رئيس لمجلس الإدارة، ويُعد الرئيس هو القائد للجمعية. وليتمكن الرئيس من قيادة الجمعية بشكلٍ صحيح يجب أن يتصف بعدَّة صفات وأن يمتلك مهارات القائد. لذا سنذكر هذه الصفات، لتساعد المتطوعين من أعضاء الجمعيات على الاختيار الصحيح لقائد الجمعية، وهنا لا بُدَّ لنا من أن نعرف مفهوم القيادة.
مفهوم القيادة في العمل التطوعي: هي القدرة التي يمتلكها شخص ما للتأثير على آخرين لكي يعملوا معا عملا جماعيا في سبيل تحقيق أهداف الجمعية. وذلك عن طريق الالتزام بمبادئ الإدارة الرئيسية وهي التخطيط، والتنظيم، والتنفيذ والتقويم. واستغلال جميع الموارد المالية والبشرية لدى الجمعية، والسعي لتنميتها.
ولكي يتمكن قائد العمل التطوعي من القيام بهذا الدور يجب أن يتصف بعدَّة صفات أهمها: أن يفهم أهداف الجمعية التي ينشط من خلالها ويؤمن بها ويدافع عنها ويجتهد لتحقيقها، وتكون لديه القدرة على إقناع الآخرين بها ليشاركوه في القناعات والإيمان والحماس لتحقيق هذه الأهداف، وأن يؤمن بأهمية خدمة المجتمع والناس وبأنه واجب إنساني يجب القيام به، ولا يصلح لقيادة جمعية تطوعية من يتصف بالأنا وحب الظهور والرغبة في إثبات الذات، والمركزية في العمل. فمن المهم أن يكون لديه القدرة على تفويض السلطات والصلاحيات للآخرين فلا يحتكرها بين يديه. فعليه أن يتقن فنون نظام العمل الجماعي، كما يجب أن يتمتع بقدرة ذهنية وفكرية مع القدرة على الإبداع والابتكار لتسير الجمعية في الطريق الصحيح. ومما لا شك فيه فإن قائد الجمعية يجب أن تكون لديه القدرة على إقناع الداعمين، سواء الداعمون ماليا أو إداريا، بأهداف الجمعية ودورها وفاعليتها في المجتمع، وأن يكسب ثقتهم ومساندتهم ودعمهم لأنشطتها، كما يجب أن تكون لديه القدرة على التعامل مع جميع المخاطر والمشاكل التي تمرُّ بها الجمعية، وأن يحسن التصرف. ولن يتمكن القائد من القيام بهذا الدور إذا لم يتصف بالهدوء والاتزان والبُعد عن الغضب والانفعال، والقدرة على اتخاذ القرارات بموضوعية وحيادية وعدم التحيز لفئة دون الأخرى، بشكلٍ سريع وصائب وفي الوقت المناسب.
كما أنصح أعضاء الجمعية باختيار القائد المرح المحبوب ذي الشخصية الاجتماعية المرغوبة، فهذه الصفة تستقطب المتطوعين من حوله وتشجعهم على المشاركة وتقديم العون والمساندة للجمعية فيعملون بسعادة ومتعة، كما أن هذه الصفة تزيد من قدرته على الإقناع. ويُعدُّ الالتزام الأخلاقي من الصفات المهمة للقائد إذ لا يقبل أن يخرج قائد الجمعية التطوعية عن القِيَم والمبادئ وثوابت المجتمع، فهذا يتعارض مع الغرض الأصلي الذي أنشئت الجمعيات التطوعية لأجله، وهو تعزيز ثوابت وقِيَم المجتمع. فخروج قائد الجمعية عن السلوكيات المقبولة في المجتمع يقلل من ثقة الناس والمجتمع في مصداقية الجمعية، وعليه أن يكون قدوة صالحة يقتدي به الناس ويتأثرون به، كما يجب أن يتصف بالقدرة على تحمُّل المسؤولية والجدية في العمل والمثابرة، فهي من الصفات التي تساعد قائد الجمعية التطوعية على النجاح في مهمته، فلا يجوز اختيار من يُعد رئاسة الجمعية وجاهة اجتماعية فقط ووسيلة لتحقيق مكاسب شخصية له. ولعلَّ من الصفات المهمة التي يجب أن يتصف بها قائد الجمعية القدرة على الاستماع والإنصات لآراء وأفكار ومشاعر وتعبيرات الآخرين اللغوية والجسدية وعدم الاعتماد على محتوى الكلمات ولكن الوصول إلى اتجاهات المتحدث. وفي الوقت نفسه يمتلك مهارات التحدث مع الآخرين وهي عملية يمارسها الإنسان منذ الصغر في أشكال وصور مختلفة، لذلك فإن التحدث فن يمكن تعلمه. والتحدث ينقسم لعدَّة مهارات مثل مهارة التفاوض والإقناع، وهي إحدى المهارات اللازمة لأي فرد يعمل في الإدارة وهي تعتمد بالأساس على مهارات الاتصال وتستخدم في المقابلات الشخصية والمناقشات الجماعية والحديث مع القيادات، الإقناع يعرف على أنه الترغيب عن طريق العقل والمنطق والمعرفة لجعل الآخرين يقبلون تغيير آرائهم واتجاهاتهم أو سلوكياتهم. ومهارة الإقناع تساعد العاملين في مجال التوعية على إقناع الفئات المستهدفة بأهمية المشاركة في الجمعية، كما أنها تساعدهم على تغيير آرائهم واتجاهاتهم وسلوكياتهم. ومن مهارات التحدث فن سرد الأحداث والقصص والمواقف بطريقة شيقة، ويستفيد من هذه المهارة في استعرض أنشطة الجمعية وتاريخها لكسب تأييد ودعم وثقة الناس.
وأخيرا، نؤكد على أن اختيار القائد المناسب هي أمانة في يد المتطوعين، وأنه لا يجوز لهم بالجمعية العمومية أن يختاروا قائدا متواضع القدرات، فهذا يوقع الضرر بمصلحة العمل التطوعي بالجمعية، ولا يقبل منهم معايير عاطفية لاختيار قائد الجمعية كمعيار القبلية أو المناطقية أو احترام كبر السنِّ أو الدعم والتشجيع للشباب، فالمعيار الوحيد المقبول هو معيار الكفاءة في القيادة فقط، تلك مسؤولية المتطوعين بالجمعية وأمانة في أيديهم... ودمتم أبناء قومي سالمين.




نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
[email protected]
Najwa.janahi@