قبل ما يقارب من 10 سنوات كتبت تحت هذه الزاوية مقالا بعنوان «السيستم» تطرقت فيه إلى إشكالية النظام التقني في بعض من المؤسسات التي تعاني من ضعف البرامج والأنظمة المستخدمة في عملية إنهاء إجراءات ومصالح المستثمرين والمواطنين، وأهمية العمل على تحديث تلك البرامج التي تعاني من انقطاعات متكررة وهو ما يتسبب في تعطيل مصالح الجميع.
يومها توقعت أن معالجة ذلك الخلل قد يكون بحاجة الى سنتين أو ثلاث، خاصة وأن التجربة ما زالت جديدة على مؤسساتنا، مع نقص في الكادر الوطني المتخصص، وعدم وجود رؤية واضحة ومؤسسات متخصصة تستطيع أن تدفع بتلك البرامج والتوجهات إلى إيجاد منظومة عمل إلكترونية موحدة ومتكاملة بين مختلف المؤسسات خاصة في ضوء ما يشهده العالم في تلك الفترة من تسارع رقمي إلكتروني كبير.
مضت السنوات وكنت أظن بأن تلك الإشكاليات التي كنا نسمعها أو نلمسها قبل 10 سنوات قد أصبحت من الماضي، وأننا تجاوزنا الكثير من التحديات والصعوبات التي كانت تقف وراء تطبيق هذا المشروع الوطني الضخم، الذي وضعت فيه الحكومة ثقلها وإمكانياتها بأن تشهد المرحلة تحولا جذريا في هذا الجانب، خاصة مع مرور كل هذه السنوات لكن يبدو أن مشكلة « السيستم» ظلت مكانها في بعض من تلك المؤسسات إلا في جزئيات من التعديلات والإضافات على مستوى نوعية وطبيعة الخدمة المقدمة.
التعامل مع التقنية معرض للخلل، بطبيعة النظام أو الخدمة، وغيرها من الجوانب المرتبطة بهذه الأنظمة، وبأن الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة استطاعت أن تحقق السبق في طرح العديد من الخدمات النوعية وهذا بشهادة الجميع، لكن أن نشهد تكرارا في انقطاع الخدمة بسبب شلل في نظام الخدمة «السيستم» يصل في اليوم لمرتين في بعض من الأوقات فهو ربما من الجوانب التي تتطلب أهمية العمل على مراجعتها والوقوف على أسبابها ومسبباتها وإيجاد الحلول والمعالجات المناسبة لها.
كيف يمكن ان نؤسس لمنظومة خدمات إلكترونية فاعلة ومتكاملة قادرة عل استيعاب الحراك الاقتصادي والاجتماعي المتوقع خلال المرحلة القادمة، إذا لم تكن لدينا رؤية ومنظومة عمل متكاملة تمتلك كل مقومات وعناصر النجاح المادية والبشرية، وتعمل على تحقيق رؤية وتوجهات الدولة بخلق بيئة عمل مشتركة فيما بين المؤسسات الخدمية والتنفيذية ،والرقابية، وأهمية أن يصاحب ذلك تطوير في مستوى الخدمات من خلال وجود شبكة اتصالات عالية السرعة ، والجودة، وكوادر بشرية مدربة قادرة على التعامل مع أي صعوبات قد تواجه هذه الأنظمة في أي عمل مؤسسي.
يرى البعض أهمية العمل على تأسيس جهة مستقلة تعنى بالمتابعة والإشراف والتخطيط لتنفيذ برامج الدولة المتعلقة بالحكومة الإلكترونية، جهة تمثل حلقة الوصل والتواصل فيما بين مختلف الجهات حتى نتمكن بالفعل من وضع برامج وخطط التطوير والتحديث على أنظمة الخدمات الالكترونية في مؤسساتنا المختلفة ولتكون مواكبة لكل ما هو جديد في هذا المجال المليء بالابتكار والإبداع والتجديد.
اليوم ومع التحولات التي يشهدها هذا القطاع التقني المهم نرى في المقابل أن التعامل بالأوراق والحضور والانصراف ما زال سمة سائدة في بعض من المؤسسات، رغم قدرتها على تقديم الجزء الأكبر من خدماتها إلكترونيا، وربما أن السبب لا يتعلق بالمؤسسة نفسها وهذا ليس عذرا ولكن الموضوع مرتبط أيضا بأهمية وجود التشريعات المنظمة وأنظمة الاتصالات والبرامج القادرة على استيعاب الخدمات الإلكترونية المقدمة والمتوقعة خلال المرحلة القادمة.

كاتب عماني
مصطفى المعمري