في أحد الأيام وبينما أنا أتناول قهوتي العُمانية الأصيلة مع أحد الأخوة، حكى لي أنه التقى بسائح قادم من أحد الدول الخليجية، والذي كان شديد الإعجاب ببلادنا الحبيبة عُمان، حتى إنه قال:(ألا يمكن أن تُعطُونا جبلًا واحدًا أو سهلًا واحدًا من بلدكم الجميل هذا).
وبالرغم من أنني عشت عُمرًا كاملًا في بلدي الحبيبة عُمان وأعرف جمالها وروعة طبيعتها الخلابة، إلا أنني لم أنتبه لهذا كثيرًا قبل أن أسمع تلك الحكاية، التي رواها لي أخي.
حينها فقط استشعرت نعمة الله التي أنعم بها علينا، والتي قد تفقدها بلادٌ أخرى تتمنى لو تجد أحد مظاهرنا على أرضها، فجمال الطبيعة عندنا في عُمان يتنوع بين جبال، وسهول، وبحار، غير أننا لا نعرف حجم المِنِّة التي منَّ الله بها علينا، ولا نستشعرها كثيرًا، لأننا ألفناها وأعتدنا عليها.
أدركت هذا اليوم أن وطننا الحبيب نعمة كبيرة، يجب علينا أن نستشعرها دائمًا، وأن نحمد الله عليها، ونتَّفكر في مقومات وعطاءات هذا البلد، التي تميزه عن غيره من البلدان.
يقول الله عز وجل: (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) (إبراهيم ـ 7)، لذا يجب علينا أن نشكر الله على هذه البلدة الجميلة الآمنة، ليس فقط بالقول بل بالفعل، فوطننا يحتاج إلى رعاية وحماية وصيانة منا جميعًا، يحتاج أن ندعمه بأيادينا الخادمة، وأرواحنا المنتمية، وعقولنا المفكرة.
فكرت كثيرًا في تغيير نمط حياتي والخروج من نمط الحياة الروتيني الذي كنت أعيشه سابقًا، وهنا قفزت إلى رأسي فكرة الدخول إلى عالم تسلق الجبال (الهايكينج)، ترددت بعض الشيء، لكن مع حلول عامي الأربعين اتخذت قراري، وعقدت همتي على فعل ذلك.
في البداية لم أدرك مدى سداد هذا القرار الذي أخذته، لكن هذه الهواية ساعدتني بشكل كبير على اكتشاف الطبيعة الخلابة في بلادنا الجميلة، وتفنيد مواضع جمالها الموجودة في جميع مناطِقها، وأحيائها، وولاياتها، أدركتُ أن كل ولاية من ولايات بلادي تتمتع بجمال ساحر، وموقعٍ طبيعي يأسر القلب، حتى في العاصمة العامرة، أجد الكثير من المناطق والمواقع التي ليس لها شبيه.
مجموعتي التي رافقتها كانت متذمرة جدًّا وتقول:(لو كان كذا وكذا لكان المكان أجمل وأجمل)، أعتقد أن البعض يتذمرون بسبب افتقار الأماكن لبعض اللمسات اللطيفة، وافتقار بعض المناطق للمتنزهات وأماكن الترفيه، وهو أمر يحتاج إلى تحسين بالفعل.
السياحة هي أحد الموارد الأساسية للدخل لدى بعض الدول، وتُدرُّ أموالًا كثيرة إذا ما تم استثمارها بشكل جيد، فكلما زادت نسبة الأماكن الطبيعية الجميلة، والحدائق والمتنزهات في بلد ما، كلما زادت نسبة ازدهار السياحة بها، وكلما انتعش اقتصادها أكثر وأكثر، بل هناك اقتصاد دول يعتمد في الأساس على السياحة فقط.
وعُماننا الحبيب يُعتبر بوابة للثقافة ورمزا للسياحة، حيث تمتزج فيه الحضارات المختلفة، ويحتضن الكثير من المواقع التاريخية والأثرية، وتظهر فيه معالم التراث القديم، بما يتميز من مفاتن تقليدية وقيِّمة، إنه المكان الذي تلتقي فيه الحضارات.
بالرغم من هذا فلا أنكر أن أرضنا تحتاج إلى عناية شديدة وتحسين وتطوير كبير، لتظهر في أفضل صورة لها، ولنكون أدّيّنا شكر نعمة الله علينا.
فيجب أن تشمل هذه التطويرات المواقع السياحية الخصبة في كامل الدولة، لاستثمارها في السياحة الداخلية والخارجية بأفضل صورة ممكنة، وفق ضوابط الدين والأخلاق والتقاليد العُمانية، من أجل تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، مما يصب أخيرًا في مصلحة الوطن والمواطن.





حسين بن علي السرحاني
كاتب عماني
hussein_alsarhani@