لقد سبق وتطرقنا في عدَّة مقالات حول منظومة قياس الأداء الفردي والإجادة المؤسسية، حيث كان التركيز بشكل أكبر حول منظومة قياس الأداء الفردي. يذكر أنه تم البدء بتطبيق منظومة قياس الأداء الفردي بداية من مطلع شهر يناير للعام الماضي 2022 على مستوى المؤسسات والوحدات الحكومية. وأكملت تلك المنظومة دورتها الأولى، وبدأت سنتها الثانية من التطبيق بداية هذا العام. وفي هذا المقال نسلط الضوء على محورين رئيسين، نود التركيز عليهما في هذه المرحلة. المحور الأول يتعلق بنتائج التقييم للدورة الأولى من تطبيق منظومة الأداء الفردي للعام الماضي، والمحور الثاني سيركز على الجزء الآخر من تطبيق منظومة الإجادة المؤسسية للعام الحالي.
لقد مرَّت دورة كاملة من تطبيق منظومة الأداء الفردي والتي سعت جميع المؤسسات والوحدات الحكومية بوضع أهداف رئيسة ونتائج مبنية على مؤشرات أداء لكافة مستويات الوحدات الحكومية. وخلال الفترة الأخيرة عكفت تلك المؤسسات على عملية التقييم للدورة الأولى من منظومة الأداء الفردي ومدى تحقيق النتائج للأهداف التي رسمت خلال عام 2022.
كما أن تلك المرحلة لها أهمية كبيرة لتحديد نقاط القوة وجوانب التحسين من أجل النهوض بالمؤسسة في مستوى الأداء المطلوب. يذكر أن عملية التقييم تعمل على المحافظة لأداء وإنتاجية الموظفين وتحفزهم باستمرار لأداء أفضل في المرحلة القادمة، كما أنها تتيح لإبراز إسهامات الموظفين في المؤسسة، وقياس مدى التحسُّن في تقديم الخدمات للعملاء بالشكل المطلوب. وهنا نؤكد أهمية قيام كل وحدة حكومية في تقديم التغذية الراجعة للتحسين، ومناقشة فرص التطوير المستقبلية، من خلال وضع خطط تحسين لمختلف مستويات الوحدة.
المحور الثاني يركز على منظومة الإجادة المؤسسية، حيث أطلقت وزارة العمل عددًا من الحلقات التعريفية حول منظومة الإجادة المؤسسية والتي تم تطبيقها مطلع هذا العام. إذ تسعى سلطنة عُمان من تطبيق منظومة الإجادة المؤسسية إلى إيجاد نظام جودة شاملة يسهم في رفع كفاءة وفاعلية الأداء في وحدات الجهاز الإداري. حيث يتم تقييم كل الجهات الحكومية على مستوى وحدة لتشجيع روح المنافسة الإيجابية بين الوحدات الحكومية لتحقيق معدَّلات أداء أفضل. كما يعمل ذلك على تحسين تصنيف السلطنة في بعض المؤشرات التنافسية الدولية لرفع مؤشرات الكفاءة الحكومية. وتحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040 بأن تكون سلطنة عُمان من أفضل 30 دولة في مؤشر الكفاءة الحكومية وتستهدف السلطنة بحلول عام 2030 أن تتصدر قائمة أفضل 10 دول بذات المؤشر.
يذكر أنه تم اعتماد 7 معايير رئيسة يتم على إثرها تقييم كل جهة حكومية، وتشمل تلك المعايير القيادة والتخطيط الاستراتيجي، ورأس المال البشري والثقافة المؤسسية، والشراكة والموارد، والابتكار، ورضا العملاء، والحوكمة، والبيئة والمجتمع. بحيث يتضمن كل معيار 5 مؤشرات أداء بعدد إجمالي 35 مؤشر أداء. كما تم استحداث نوعين من أدوات قياس منظومة الإجادة المؤسسية، الأول مبني على الاستبانات التي تركز على رضا العملاء، والتعاون الحكومي مع المؤسسات الأخرى، وأثر الممارسات الإدارية في الوحدات الحكومية. وأداة القياس الأخرى هي مؤشرات الأداء الثابتة التي سيتم طلبها من ملاك المؤشرات في الوحدات الحكومية.
وأخيرا، إن منظومة الأداء الفردي والإجادة المؤسسية تعد أحد ممكنات رؤية عُمان 2040 ونجاح تطبيقها لن يعمل فقط على رفع جودة الخدمات الحكومية فحسب، بل سيرفع مؤشرات الحوكمة والتنافسية العالمية للسلطنة. لذا وجود نظام حوافز فعَّال لمكافأة المجيدين من الأفراد والمؤسسات الحكومية يتسم بالشفافية لا شك سيعمل على تحفيز الجميع لبذل كافة الإمكانات والجهود لتحقيق الأهداف والتوجُّهات التي تسعى لها تلك المنظومة.


د. يوسف بن خميس المبسلي
متخصص في العلوم المالية والاقتصاد