تُشكِّل واقعة المنطاد الصيني في الأجواء الأميركية والتي انتهت بإسقاطه بطائرة مقاتلة من طراز (اف ـ22) نموذجا على دخول التباري في المبالغة على خط التنافس الأميركي الصيني، حيث تم تصوير الأمر من قبل الولايات المتحدة على أنه واقعة غير مسبوقة في العالم وتوالي البيانات ليبدو الأمر أشبه بإعلان حرب، في حين بدت المبالغة من جانب بكين في التهوين من الأمر أو الاعتراض على إسقاط المنطاد ووصفه بـ(الانتهاك).
وبحسب مسؤولين في البنتاجون، فإن المنطاد دخل المجال الجوي الأميركي أول مرة في 28 يناير فوق ألاسكا، قبل أن يدخل كندا في 30 من الشهر نفسه، ثم يعود إلى المجال الجوي الأميركي على مستوى إيداهو (شمال غرب) في 31 يناير، أي الثلاثاء. لكن المواطنين الأميركيين لم يرصدوا المنطاد إلا الخميس عندما حلَّق فوق مونتانا (شمال غرب) حيث توجد قواعد عسكرية حسَّاسة ومستودعات صواريخ نووية تحت الأرض، قبل أن يتحرك تدريجا باتجاه شرق الولايات المتحدة.
من جانبها لم تنكر بكين تبعية المنطاد لها، لكنها أكدت أنه «آلية مدنية تستخدم لأغراض البحث وخصوصا للأرصاد الجوية.. وانحرفت عن مسارها»، معربة عن «الأسف» لهذا الانتهاك «غير المتعمد» للمجال الجوي الأميركي.
وعلى الرغم من إعلان وزير الدفاع الأميركي لويد اوستن أن إسقاط المنطاد جاء ردا على «انتهاك غير مقبول» للسيادة الأميركية.. إلا أن هناك وقائع مشابهة تبدلت فيها مواقع الولايات المتحدة والصين منها إعلان بكين في أغسطس 2020 أن طائرة تجسُّس أميركية اخترقت أجواءها أثناء إجراء مناورات عسكرية بالذخيرة الحية، ومنها أيضا واقعة هاينان الشهيرة عام 2001 التي احتجزت الصين طائرة تجسُّس أميركية بعدما اصطدمت طائرة بمقاتلة صينية، ولم تنتهِ الأزمة إلا بعد الاتفاق على تفكيك الصين للطائرة وإعادتها، ناهيك عن المسيَّرات الأميركية التي تجوب أنحاء العالم، سواء للتجسُّس أو لإطلاق الصواريخ.
واليوم جاء الدور على الصين لتنتقد قرار البنتاجون إسقاط المنطاد الصيني، متَّهمة الولايات المتحدة بـ»المبالغة في رد الفعل وبانتهاك الممارسات الدولية بشكل خطير»، مشددة على أنها «تحتفظ بحق اتخاذ مزيد من الردود الضرورية» ومنتقدة الولايات المتحدة لـ(إصرارها على استخدام القوة).


هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري
[email protected]