سعَتْ سلطنة عُمان منذ انطلاق نهضتها المباركة إلى استثمار عوائد النفط في مدِّ بنية أساسيَّة وإقامة مُدن صناعيَّة ومناطق اقتصاديَّة حرَّة جاذبة للاستثمارات المحليَّة والأجنبيَّة، لِتكُونَ أساسًا تبني عليه سياستها نَحْوَ التنويع الاقتصاديِّ، والانعتاق من الاعتماد على عوائد النفط فقط.
ورغم الأزمات والتحدِّيات التي يشهدها العالم أجمع، حرصت حكومة السَّلطنة بأذرعها الاقتصاديَّة على تطوير البنية الأساسيَّة ومشاريع المُدن الصناعيَّة؛ وذلك بهدف تحقيق النتائج المرجوَّة من تلك المُدن الصناعيَّة والمناطق الاقتصاديَّة الحرَّة، التي سيكُونُ لها النصيب الأكبر في تعظيم الناتج المحلِّي الإجماليِّ، وتوفير فرص عمل حقيقيَّة للأيدي العاملة الوطنيَّة، وتعظيم القِيمة المضافة في كافَّة القِطاعات الاقتصاديَّة، خصوصًا القِطاعات التي تسعى رؤية عُمان 2040 الطموحة إلى تعظيم الاستفادة منها. وانطلاقًا من تلك الثوابت الاقتصاديَّة التي تتَّجه بالبلاد نَحْوَ تحقيق التنمية الشاملة المستدامة في كافَّة رُبوع سلطنة عُمان، أخذت المُدن الصناعيَّة التابعة للمؤسَّسة العامَّة للمناطق الصناعيَّة «مدائن» تشهد إقبالًا كبيرًا من المستثمرين من داخل السَّلطنة وخارجها عَبْرَ توطين مشروعاتهم في مختلف القِطاعات، حيث تجاوز حجْمُ الاستثمارات بالمُدن الصناعيَّة بنهاية العام الماضي (7) سبعة مليارات ريال عُماني، فيما بلغ عدد القوى العاملة الوطنيَّة أكثر من (19) تسعة عشر ألف عامل، تتوزَّع على مختلف المُدن الصناعيَّة. ورغم التحدِّيات التي شهدتها سلطنة عُمان كجزء من هذا العالم في العام المنصرم، إلَّا أنَّه بفضل السياسة الحكيمة والرؤية الثاقبة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ استطاعت السَّلطنة استقطاب أكثر من (300) ثلاثمئة مشروع باستثمارات تجاوزت (300) ثلاثمئة مليون ريال عُماني في مُدنها الصناعيَّة التي تشرف عليها (مدائن) في عام 2022م.
ولعلَّ تلك الأرقام تؤكِّد مدى الجهد المبذول لتجنيب الاقتصاد الوطنيِّ التداعيات الكبرى جرَّاء الأزمات الاقتصاديَّة العالميَّة المتوالية، وتعكس مدى حرص القائمين على جذب الاستثمارات في تلك المُدن الصناعيَّة الواعدة، على تجويد الخدمات التي تقدِّمها للمستثمرين، حيث استكمل في الفترة الماضية افتتاح مراكز «مسار» في كُلِّ المُدن الصناعيَّة والعمل على تطوير منظومة التحوُّل الرَّقمي وأتمتة الخدمات التي تقدِّمها، بالإضافة إلى العمل حاليًّا على أعمال المشروعات التنمويَّة بمجمل مُدنها الصناعيَّة التي خُصِّص لها أكثر من (120) مئة وعشرين مليون ريال عُماني لتطوير البنية الأساسيَّة ومشاريع المُدن الصناعيَّة.
وتأتي تلك المشاريع الجديدة التي شارف بعضها على الانتهاء، والبعض الآخر في مراحل التنفيذ، من بَيْنِها مشروع مدينة عبري الصناعيَّة ومشروع مدينة محاس الصناعيَّة في ولاية خصب. كما يوجد مشروعان آخران في محافظتَي شمال الشرقيَّة وظفار في طريقهما للتنفيذ، ويجري الآن إنهاء الإجراءات المتعلِّقة بذلك، كما يتمُّ تطوير مساحات جديدة في كُلٍّ من المُدن الصناعيَّة بصُور ونزوى والبريمي، وتمَّ الانتهاء من تطوير المرحلة الرابعة في مدينة ريسوت الصناعيَّة، ما سيُسهم في تنمية اقتصاد هذه المحافظات من خلال توفير بيئة حاضنة لمختلف الأنشطة الاقتصاديَّة المختلفة وتوفير فرص العمل.