[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
ما الذي جرى كي توقف القاهرة طلعاتها الجوية ضد " داعش"، علامة استفهام كبيرة مضاف إليها الموقف الأميركي الأوروبي من منع تسليح الجيش الليبي .. بهذا الشكل غير الملائم لمصر يصبح الخوف عليها ملحا، لكأنما يراد لها ان تحاصر من شتى اتجاهاتها، من الإرهاب في ليبيا التي باتت ولادتها ميسرة ضد مصر تحديدا، ثم من سيناء، وفي الجنوب من السودان رغم كل الجميل بين الدولتين الشقيقتين الى حد العظم، وتلك تركيا أم الحصارات ومبعث الألم للمصريين.
السؤال الكبير الذي نخاف توجيهه في لعبة الأمم هذه، ان يكون موعد إتعاب الجيش المصري قد حان رغم انه جيش كبير ومقدام، الا ان الخطط الجهنمية تضع حسابات لكل الاشكال وتتنبه تماما لهذا النوع من المسائل. لاشك ان جيش مصر مستهدف منذ ان نكبت سوريا وقبلها العراق، بل منذ ان حولت الصومال الى بلد فاشل، كان ذلك بمثابة تجربة لما يجب ان تكون عليه الجيوش العربية ومجتمعاتها في المستقبل من الايام.
لكن اللافت ان اوروبا باتت تتنبه الى اقتراب " داعش " منها وخصوصا ايطاليا التي رأت وزيرة دفاعها ان التنظيم الارهابي بات على بعد ثلاثمائة كيلومتر تقريبا، وهي تتحسب لمجيء العشرات والمئات بل الآلاف من المهاجرين اليها والذين سيكون بينهم داعشيون. ومن ثم تكون القارة العجوز برمتها تحت رحمتهم إضافة الى المتوفر اصلا فيها منهم.
لقد صنعوا من ليبيا مغارة للارهاب وللصوص ومركزا للتخريب خارج حدوده، خصوصا بعدما اكتشف " داعش" انها بؤرة تستحق الاهتمام منه فجاءها على عجل وبدأ يحدد ظهوره من خلال تصرفاته الارهابية التي رأيناها في سوريا والعراق. وكان ابو بكر البغدادي قد احاط ليبيا بعنايته منذ وقت طويل ليجعلها في النهاية مسرحا هاما من مسارحه المتعددة وموقعا مضافا الى " دولته " كتحصين لها في لعبة بدائله اذا ما اضطر تحت ضغوط عسكرية في سوريا والعراق.
العين على مصر في هذه الأيام، خصوصا مع التبدلات التي اعقبت ايضا وفاة الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز، ثم الانطلاقة التركية التي هي جزء من تلك التبدلات. ولأنها مصر بكل قامتها الكبرى والتاريخية وجغرافيتها المميزة ومن ثم كأكبر دولة عربية ومن الطليعة الاسلامية والافريقية، فلا بد بالتالي ان يأتي ترتيب إتعابها في هذه اللحظات التي باتت فيها سوريا بخير على صعيد نظامها ودولتها ووحدة شعبها وفلاحة جيشها المقدام.
ليبيا اليوم لاتسر من هم حولها، بل تجعلهم عرضة للمفاجآت وخصوصا لمصر، وفي ليبيا اليوم اكثر من مليون مصري تقريبا يرون فيها ملاذا للعمل فصاروا مايشبه الرهائن بيد التنظيم الارهابي وتوابعه. خصوصا وان هذا التنظيم يعيد التعبئة من جديد على الساحة الليبية ويتقدم الصفوف دون موانع وتحت خيارات اميركية واوروبية وتركية.
لن نقول ان مصر في حالة مثالية، فأول غيث التغيير فيها ان مواعيد اتعابها ظاهر للعيان ويضع الرئيس عبد الفتاح السيسي امام امتحان فيه من الخيارات الضيقة ما يمنعه شيء وما يسمح له شيء اقل. وهذا بحد ذاته متعب وقاس لدولة كبرى كمصر لايمكن رسم خطوط حراك لها بعيدا عن خططها الخاصة.