التفاتة ذكية وواقعية، أن يتم الاحتفال بيوم الصناعة العُمانية تأسيسًا على مفهوم القيمة المضافة، ولكي أضع أمام القارئ الكريم معنى القيمة المضافة اقتصاديًّا، لي أن أشير إلى التعريف الذي تتفق عليه أغلب المدارس الاقتصادية.
هي تعني المتحقق زيادةً من مساهمة عناصر الإنتاج إن كانت صناعةً أو زراعةً أو خدمةً، أو تسويقًا، بل وتصلح تطبيقات هذا المصطلح ضمن نشاطات أخرى، وهكذا أن يتم عمانيًّا توظيفها في الاحتفال الصناعي المقام اليوم، فإنه توظيف واقعي لنمو هذا الاقتصاد منذ انطلاق أول خطة تنموية عُمانية بمفردات محسوبة عام 1971، أول خطة شروع للتنمية المستدامة وفق منظومات علمية تطبيقية تتخذ مسارات متنوعة لانتزاع الاقتصاد العُماني من سطوة البُعد الريعي.
وهي التفاتة بنيوية أن يتم تأشير سبعة أهداف للقيمة المضافة في الميدان الصناعي العُماني وصولًا إلى رؤية عُمان 2040 على وفق (الباركود)، الشفرة الخيطية الضوئية ذات المهمة التعريفية بهُوية المنتجات، وتسهيل حركة الصلة بينها وبين المستهلكين بحكم الخصائص التي تتميز بها لتحقيق سهولة العلاقة بين الطرفين إذا استخدمت هذه الشفرة للتوضيح من خلال وضعها على الحاسوب.
إن ما يعزز ذلك للصناعات العُمانية استنادها إلى سبعة أهداف يتواصل تحقيقها، بالمزيد من المواظبة، أولًا تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ثانيًا زيادة القدرة التصنيعية. ثالثًا إيجاد المزيد من فرص العمل. رابعًا زيادة الصادرات. خامسًا تعزيز وجذب المزيد من الاستثمارات. سادسًا توطين سلاسل التوريد (أي جعلها عُمانية المنشأ). سابعًا تحسين بيئة الأعمال التجارية.
إن الأهداف السبعة المشار إليها تُمثِّل وعاءً واقعيًّا للبيئة الصناعية العُمانية وليس أهدافًا مستمدة من التكهن المجرد.
لقد استطاعت الصناعات العُمانية أن تشق طريقها بالمزيد من المواظبة والإصرار المحسوب على عزيمة اقتصادية رسمت شروط استمرارها وتطوُّرها حسابات الحاجة الوطنية، وكذلك حسابات الموقع التجاري الجغرافي لسلطنة عُمان، وما يَحكم المنافسة، وبعضها منافسة شرسة بكل استدلالات هذا التوصيف. لذلك من الإنصاف القول، إن ما تحقق في الصناعات العُمانية حتى الآن لم يكن نزهة اقتصادية، بل عملية شاقة نظرًا للقائمة الطويلة من التحدِّيات التي واجهتها خلال العقود الخمسة الماضية، تقلبات في أسعار النفط، احتدامات تجارية بمعنى مضاف صراع الفرص، ارتفاع كبير في طلب العُمانيين على سلع الرفاه، الزيادة في عدد السكان، المتغيرات المناخية والبيئية القاسية، المضاربات المتلاحقة إقليميًّا ودوليًّا والتأثير الذي تحدثه على المعاملات التجارية الخارجية.
ومن الإنصاف أن أشير إلى أن عين القائمين على هذا الاحتفال بيوم الصناعة العُمانية لم ينجذبوا إلى الاكتفاء بالمفاخرة لما تحقق، بل أدرجوا مستلزمات المستقبل ضمن اهتمامهم وفق مقاييس محسوبة من خلال استشراف الوقائع.
بخلاصة، تظل التطورات الإيجابية التي حصلت لبنية الصناعات العُمانية أمام تحدِّيات إضافية تشير كل التقديرات إلى أنها لن تكون سهلة حسابًا على التحدِّيات البيئية العامة، والشدّ التجاري الإقليمي والدولي، لكن ما يجعل الاطمئنان عند مستوى القدرة لتفكيكها الإرث المتحقق من القيمة الإضافية المحلية وهي قيمة وازنة.



عادل سعد
كاتب عراقي
[email protected]