ما زلت أذكر الحلقة الأولى من برنامج خواطر في أحد مواسمه الماضية والتي بدأت بمشهد لرجل يقود دراجة هوائية في إحدى الدول الأوروبية متجها للعمل دون أن تزاحمة السيارات أو يزاحم المارة، حيث كان يقود دراجتة في الطريق المخصص للدراجات الهوائية، كما هو الحال في معظم الدول الأوروبية التي تخصص شوارع للدراجات الهوائية وممرات للمشاة وطرق للسيارات إلى جانب سكة الترام وشارع للحافلات وكلها تسير في نفس الإتجاه فالخيارات متوفرة وعلى الشخص أن يختار الذي يناسبة، كان ذلك الرجل الظاهر في بداية حلقة برنامج خواطر وزير الداخلية والصحة الدنماركي الذي أكمل حياته كباقي البشر في بلده وفضل أن يستخدم دراجتة الهوائية ليس ليظهر للآخرين تواضعه بل لإهتمامه بالرياضة أولاً وحتى يكون قدوة في استخدام وسائل النقل المختلفة بغض النظر عن المنصب الذي لا يقيده بوسيلة نقل معينة، يا ترى لو تم التفكير بهذه الطريقة في مجتمعاتنا وبادرنا كأشخاص باستخدام وسائل نقل أخرى بدلاً عن السيارات الخاصة ودون أن نلقي اللوم على الحكومة في ظاهرة الازدحام ما الذي سيحدث؟ باختصار سنكون جزءا من بداية حل لأزمة المواصلات التي أخذت تزداد يوما بعد يوم ونحن نطالب كأفراد بأنه لا بد من زيادة عدد الحارات في الشوارع كحل للأزمة ولكن بما أن عدد السيارات في ازدياد بزيادة عدد السكان فإن زيادة الشوراع لن تكون الحل بعد فترة لأنها إذا تكيفت الزيادة مع عدد السيارت لن تكون هناك مساحات كافية وستصبح المدن عبارة عن شوارع، إذن لماذا لا نفكر بحل مجتمعي لا يحتاج له الكثير من الجهد وسيقلل من الزحام خصوصا في ساعات الذروة كما أنه سيساعد في الحد من الحوادث الناتجة بسبب الزحمة وسيختصر الوقت وسيحافظ على البيئة ولو بنسبة بسيطة، وهو حل طبق في بعض المدن الأميركية التي تعاني من الزحمة فبعد أن قامت الجهة المسئولة بتوفير مواقف بمواصفات معينة آمنة ومظللة وبإنارة بجانب الطرق السريعة أخذ الناس يركنون سياراتهم في هذه المواقف ويتجهة مجموعة من الأشخاص في سيارة واحدة للعمل كانت هذه أحدى الحلول التي ساهم بها المجتمع للحد من الإزدحام المروري الذي تلام عليه الحكومة بالدرجة الأولى لأن تفكيرنا ينصب في إتجاه واحد وهو قلت الطرقات وضرورة توسعتها ولكن لم نفكر في حلول أخرى من جهتنا نحن كمجتمع وأن نتكاتف جميعا لأن لوم جهة واحدة لن يصلح من الحال كما أن كثرة السيارات في ازدياد، هنا أذكر إحدى المؤسسات التعليمية في السلطنة التي أصبح عدد السيارت بها بعدد الطلبة باستثناء مجموعة بسيطة تقريبا وبعدد الموظفين والمؤسسة بدورها أخذت على عاتقها توفير المواقف في كل مكان حتى أن هذه المواقف أصبحت تمثل جزءا كبيرا من مساحتها ومع ذلك لم تحل المشكلة لأن مع كل دفعة جديدة من الطلبة والموظفين يزداد عدد السيارات وبالتالي الزيادة في مساحة المواقف أصبحت حلا مؤقتا ولابد من حلول يشارك فيها الأشخاص مع المؤسسة بحيث تخصص مواقف في الأحياء السكينة تكون كنقطة تجمع سواء للموظفين أو الطلبة ليتم نقلهم في النقل العام أو تتفق مجموعة للتنقل في سيارة واحدة. قد يبدوا حل الذهاب في سيارة واحدة للعمل حلا غير مستساغا للكثيرين أو لنقل نسبة ليست ببسيطة وهذا تفكير آحادي لا يخلو من الأنانية لأنه ينصب لمصلحة شخص دون أن يفكر في حلول تخدم المجتمع، إذن علينا أن نغير من طريقة التفكير وان ننتقل من التفكير الآحادي إلى الجماعي بحيث نشارك الآخرين في وضع الحلول وأن لا نلقي اللوم على طرف واحد فقط بل على الجميع أن يشارك من أجل حل المشكلات التي تواجهنا كمجتمع.
من جهة أخرى على الحكومة ان تدعم مثل هذه الحلول بحيث توفر مواقف مع خدمات لركن السيارات سواء بالقرب من الطرقات العامة والسريعة أو في الأحياء السكينة التي تفتقر للمواقف بحيث تكون نقطة التجمع وتوفر نقل عام ينطلق من تلك المواقف باتجاه أماكن العمل أو بإتفاق الأشخاص نفسهم بحيث يتشاركون في سيارة واحدة، بعض الدول اتجهت لتخصيص نسبة من الوقود لكل شخص شهريا بحيث إذا تجاوز هذه النسبة فلا يمكن ان يحرك سيارته حتى بداية الشهر التالي، أما في العاصمة الصينية بكين فأن السيارة تتحرك في أيام معينة في الأسبوع حسب رقم السيارة مثلاً السيارات التي تنتهي (81) تتحرك كل ثلاثاء فقط وذلك للتقليل من الزحام، هذه الحلول تخلو من المرونة نوعا ما أما الحلول الجماعية ستساعد في الحل من الأزمة بطريقة أكثر مرونة.
وأخيراً التغيير لابد أن يبدأ منا لأنه إذا كان هناك ضرر سيقع علينا حتى في أبسط الأمور وإذا كان هناك نفع سيعود إلينا.

خولة بنت سلطان الحوسنية @sahaf03