ها هي ساعات الليل في مكة المكرمة لها موعد عظيم مع زائر عظيم، مرسول من ملك الملوك الله (جلَّ جلاله)، وهذا الضيف والرسول ليس بمخلوق عادي بل له من الهيبة والجلال والقوة ما لا يعلمها الا الله، أضنكم قد عرفتموه إنه جبريل (عليه السلام) ينزل على الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) ليذهب به في رحلة لا يعلم كُنهها وسرها الا الله تعالى. إنها رحلة الاسراء والمعراج من المسجد الحرام في مكة المكرمة الى المسجد الاقصى في أرض فلسطين الشقيقة ليريه من الآيات العظيمة ما يريح به قلبه ونفسه وتكريمًا وتسلية له بعد ما عاناه من كفار قريش من عذاب وجفاء، ومن ألم فقدان زوجته ورفيقة دربه السيد خديجة (رضي الله عنها) وعمه أبو طالب.. أعزّ الناس وأقربهم، ليكون هذا التكريم بمثابة جائزة له وتسلية وسبب لنسيان حزنه وما لاقاه هو وأصحابه من اضطهاد وتكذيب في مكة المكرمة، فكانت الرحلة العظيمة بمثابة تكريم وبلسم له وللأمة الإسلامية، ورسالة مضمونها:(إنّ بعد العسر يسرًا وبعد المِحنة مِنحة وبعد الشدة فرج وبعد الحزن سعادة .(
أخي الكريم.. معجزة الاسراء والمعراج نبراس لهذه الأمة لأن بعد الشدة والفتن فرجًا ونصرًا، ونحن اليوم والامة الاسلامية تعيش في أيام شبيه بتلك الايام التي عاشها الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولكن الزمن قد يختلف، حيث إنّ في هذه الايام انتشرت الفتنة والحرب وأصبح المسلم يقتل أخاه المسلم، أما في زمن الرسول فقط كانت الفتن والحرب بين الشرك والايمان.
من هنا أقول: إن هذه المعجزة الكبرى العظيمة التي يحتفل بها المسلمون في السابع والعشرين من رجب من كل عام هي بمثابة تذكير للامة الاسلامية حول ما لاقاه الرسول (عليه الصلاة والسلام) من تكذيب وغيره، وكيف أن بعد المِحنة مِنحة ونجاة وتفاؤل للمستقبل الذي سيكون نورًا يشقُّ الكون بخيراته وتسعد به البشرية بما فيه من عدالة ومساواة وخير للبشرية جمعاء .
لذا فإنّ علينا نحن المسلمين في هذه الايام العصيبة التي تتعلق بمصيرنا، علينا أن نتمسك بما كان يتمسك به الرسول (صلى الله عليه وسلم) وصحبه ومن تبعهم بعد ذلك بإحسانٍ الى يوم الدين، من قيم ومبادئ وطريق مستقيم نحو الثبات، فتكون القاعدة قوية لا تتأثر بما يأتي من قبل الحاسدين، ونعلن لجميع أعداء الاسلام أن الاسلام مهما تطاول عليه أذناب البشر فإنه ثابت بثبات الجبال وامواج البحار، نعم ربما يضعف ويفتر فترة ولكن بعد ذلك يعود بقوة وشدة، وهذا ما نعيشه اليوم من ضعف وذلك ما هو إلا بعدنا عن النهج القويم ولكن هذه هي الدنيا دائمًا ما يكون هناك صراع بين الحق والباطل وسيكون للحق جولته الرابحة والمنتصرة بإذن الله وما ذلك على الله بعزيز.



أحمد بن سعيد الجرداني
كاتب عماني