على البلوشي لـ «الوطن»:
- العوامل الطبيعية والبشرية أسهمت فـي اختلال عمليات النحت والإرساب
- تأثيرات اقتصادية واجتماعية ومطالبات بوضع خطط استراتيجية باستخدام الحلول الهندسية

كتب ـ سليمان الهنائي:
تصوير ـ سعيد البحري:
تُعد الشواطئ الملاذ الآمن يقصده الجميع لأغراض عدة في حياتهم؛ فهناك من يمارس الرياضة، وآخرون يروِّحون عن النفس من الضغوطات، وأطفال يرسمون في رمالها أجمل اللوحات.. وغيرها، كلٌّ حسب اتجاهاته وميوله.. إلا أنه للأسف يعاني بعضٌ منها من ظاهرة التآكل بسبب زحف التيارات المائية، ومثال على ذلك شاطئ القرم الذي تركت الأمواج آثارًا جانبية على امتداداته، وتربة تتقاذفها الأمواج بين الحين والآخر، تنساب منها وتواصل توغلها دون وجود حواجز تصدها أو كاسرات تخفف من وطـأة اصطدامها، أثَّرت على المسطحات الخضراء والاستراحات.. وهذا الوضع ليس وليد اللحظة وإنما هناك مناشدات للجهات المعنية سبق إطلاقها، ولكن جاءت ردة الفعل خجولة، بإقامة سدود واهنة من التربة والتي لم يمضِ عليها سوى فترة بسيطة حتى قذفتها الأمواج هي الأخرى.
اليوم نحن أمام تيار ترتفع فيه نسبة منسوب مياه البحر إلى مستويات أعلى، فالمناشدات إلى الجهات المعنية بحاجة إلى وقفة حقيقية لإيجاد طرق كفيلة تحافظ على مكانة وجمالية المكان تأكيدًا لأهمية الشواطئ ودورها في خدمة الجميع.

تآكل الشواطئ
(الوطن) التقت بالدكتور علي بن سعيد البلوشي ـ أستاذ مشارك في الجغرافيا الطبيعية والدراسات البيئية بجامعة السُّلطان قابوس ليطلعنا على أسباب ظاهرة تآكل الشواطئ والآثار التي تنتج عنها وأبرز الحلول وطرق الاستفادة منها.. حيث يقول: إنَّ ظاهرة تآكل السواحل مفهوم يتضمن فقدان الأراضي الساحلية، تحدث نتيجة عوامل طبيعية وبشرية مؤثرة أدَّت إلى تغيُّر عمليات النحت والإرساب التي تحدثها الأمواج والتيارات البحرية وتيارات المد والجزر، مبينًا أن اتجاهات تآكل السواحل تختلف زمانيًّا حسب الفصول وحسب الأحداث الطبيعية المفاجئة، كما تختلف مكانيًّا وفقًا لنوع التدخلات البشرية والتغيير على خط الساحل، إضافة إلى أن التدخلات البشرية على السواحل ليس بالضرورة أن تتضح آثارها في ذات المكان وإنما قد تؤدي لأضرار في سواحل بعيدة عنها.

الأسباب المؤثرة
أما عن أبرز الأسباب المؤثرة في عملية تآكل السواحل فقد أكد الدكتور أن لها نوعين، فهناك أسباب طبيعية تتمثل في الأعاصير المدارية والأنواء المناخية الحادة والمتطرفة وتغيرات تيارات المد والجزر وأمواج تسونامي الناتجة عن الزلازل والتغير المفاجئ في التيارات البحرية وارتفاع منسوب سطح البحر نتيجة التغير المناخي، وأما أسباب بشرية فتشمل المنشآت البحرية كالموانئ والمرافئ وكاسرات الأمواج ومحطات التحلية وإقامة السدود وردم الأخوار والبحيرات اللاجونية والمشاريع السكنية المستغلة للسواحل ونقل رمال السواحل وأي أعمال هندسية لا تحاكي التوازن البيئي الساحلي.
وأوضح البلوشي بأن تأثيرات تآكل السواحل من الناحية البيئية تؤدي إلى فقدان الموائل الساحلية التي تقع في نطاق المد والجزر، حيث يؤدي إلى ردم مواقع ونحت مواقع أخرى مما يؤدي إلى اختلال الخط الفاصل بين الشاطئ والمياه، ومن الناحية الاجتماعية يكون هناك تأثير بقوة على مواقع تجمعات الصيادين وإضعاف قدرتهم على التواصل وممارسة مهنتهم الحرفية بسبب تآكل المساحات التي يعملون عليها. أما التأثير من الناحية الاقتصادية فيكون مباشرًا يؤدي إلى تآكل السواحل ويمتد ليشمل تآكل المباني الساحلية واستراحات الصيادين ومخازن أدواتهم وتلف معدَّاتهم من القوارب وشباك وأدوات الصيد، إضافة إلى احتمالية فقدان المساحات الزراعية المجاورة للساحل وارتفاع ملوحة التربة فيها بسبب توغل الألسنة المائية وتداخلها مع الخزانات المائية، وكذلك تدمير الطرق الساحلية والخدمات المرتبطة بها.

التقنيات الحديثة
وعن أهم وأبرز الحلول فأكد الدكتور؛ يجب أن تتم مراقبة تآكل السواحل باستخدام التقنيات الحديثة ورصد المواقع المعرضة للتآكل وضرورة عمل محاكاة علمية، مبنية على تحقيق التوازن البيئي عند استحداث أي منشأة هندسية على خط الساحل وأيضًا يجب إعداد خطة استراتيجية للحدِّ من تآكل السواحل ولإدارة السواحل واستخدام الطرق الهندسية الملائمة لكل حالة من حالات التآكل وفقًا للأسباب الحقيقية المسببة للمشكلة والتقليل من أعداد السدود في المناطق التي تتميز ببيئة إرسالية كالمراوح الفيضية والدلتاوات النهرية.