تم مساء أمس افتتاح معرض مسقط الدولي العشرين للكتاب بمركز عمـان الدولي للمعارض بنجاح كبير ولله الحمد وبحضور رســمي كبير.
ومعرض الكتاب هذا العــام والذي يعد واحدا من معارض الكتب الدولية المتميزة ، تشــارك به اكـثر من633 دور نشر ويــضم 180 الف عنــوان، وهــناك تــنام ملحوظ عاما بعد عام لمشــاركات دور النشرفي هذا المعرض ، وكذلك صاحب ذلك توسع في مساحة المعرض لتستوفي متطلبات الزيادة في الاجنحة والذي بلغ عددها872 جناحا هذا العــام.
شاركت من خلال لجنة تنظيم المعرض كرئيس لفريق المطبوعات على مدى احدى عشرة دورة من اصل عشرين من دورات معرض مسقط الدولي للكتاب ، وكنت مراقبا للتطورات التي يمر بها معرض الكتاب خلال تلك السنوات . واذا تحدثنا عن هامش الحرية فقد ازداد وتطور ففــي الماضي كان بعض المسـئولين يتوجســون خيفـــة من كل مــاهو مخــتلف ومــغاير لقــناعتهم وتوجهاتهم ، ويبحــثون فيجدون بعض قوانين النشر فضفــافة فيفصــلونـها على مقايـيس تفكــيرهــم ، فتصدر التعلـيمات بالمنع ضــد كتاب معـين ، وكوننا قلنا ذلك فنقول المسؤول يخطئ ايضا وكونه اصدر هذه التعليمات فذلك لاعتقاده بأن ذلك صواب وغير ذلك سيعرضه للمساءلة ، وإنما أرى لو تم الســماح بهذا الكتاب او غيره لمر مرور الكرام ولــمـا كان له تأثير يـــذكــر، ولــما اهتــم به الرأي العــام وطلبه وبحث عنه ، ولــما تحول مؤلــفه في ليلة وضحــاها الى كاتب مشهور معروف في انحاء البلاد وهوغيرمعروف إلا بعد منع كتابه . إن تصادر كتابا فإنك تصادر فــكر انسان أراد أن يقــول شيئا فمنــعته من قوله وفرضت عليه الوصاية والابـوة الفوقية من ان يقول ما يريده خانقا صوته. وانما مع ذلك فتنظيم النشر امر ضروري وهــناك انـظمة وقــوانين تنظم نشر الكتاب وتوزيعه ، وانــما الاصل الســماح بالنــشر والاستثــناء المنع و في حالات نادرة .فاذا كان النشر يتعرض لســيادة البلاد وسلطانها وأمن الدولة اويمس الاديان والاخلاق والآداب ، وينتهك الاسرار العسكرية واعراض الناس وحياتهم الخاصة. فهذه ليست حرية تعبير وانما وقاحة وجراءة خسيسة تتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها الدولة في هذا المجال ومن حق اي دولة حماية ثــوابــتها من خلال الانظمة و القوانين التي تنظم المسارات وتنير الدرب وبالتالي توقع العقوبات اذا لزم الامر. وهناك بعض الممارسات المستنكرة من بعض المشاركين من دور النشر وهم قلائل ، لمحاولاتهم التحايل على القوانين مستغلين فترة تدفق الكتب الكثيرة للمعرض ، ليقوموا بادخال بعض الكتب التي يعتقدون بانها قد لا تتفق مع القوانين ويتم تسريبها في شنطة او (كارتون) يتم تخبئـته وبيعه بسرية من تحت الطاولة و يقومون بهذا العمل رغبة منهم في كسب بعض الريالات.
وكذلك هناك بعض المؤلفين الذين يتعمدون اصدار كتب مثيرة للجدل ويرغبون في تفادي القوانين المنظمة لعمــلية النشر، فيطبعون كتبهم خارج البلاد تزامنا مع قرب معرض الكتاب، ليتم شحنها ضمن كتب دور النشر لهذا المعرض. ثم بعد انتهاء المعرض يتم استلام الكميات المتبقية وبيعها وتوزيعها في المكتبات واسواق السلطنة.
وانما عرض هذه الكتب في المعرض لا يعني بان ذلك موافقة على بيعها وتوزيعها في المكتبات والاسواق . فالتوزيع بكميات تجارية في السلطنة يتطلب ترخيصا من جهة الاختصاص بوزارة الاعلام ، ولا يعفي المؤلف وجود كتابه في المعرض من عدم اخذ الموافقة من الوزارة اذا أراد توزيعه في البلاد ، ولا تخوف من عمل هذا الاجراء الصحيح فمساحة الحرية كبيرة ، وحتى لا يتعرض احد للمساءلة لمخالفة قانون النشر لعدم اخذ التصريح اللازم. الان وكما صرنا نعلم بأن 180 الف كتاب في معرض مسقط الدولي للكتاب في هذا العام ومن الصعب على فريق المطبوعات مراقبة مضامين كل هذه الكتب، وهي بالتأكيد مهمة صعبة ان لم تكن مستحيلة. وانما ولله الحمد فهي على صعوبتها فهي سهلة لانه لا توجد رقابة في معرض مسقط الدولي للكتاب بالمعنى المعروف ، وانما مراجعات سريعة لبعض الكتب التي قد تصل ملاحظات عليها يتم التأكد من سلامة مضمونها ، ثم تجد مكانها في المعرض بين الآلاف المؤلفة من الكتب في اطار حرية الرأي والتعبير ولهذا لم يتم منع اي كتاب في السنوات القليلة الماضية.
وهكذا ما يجب عليه ان تكون هذه الروح المسؤولة، بأن تتحــلى بالثــقة والتصميم على اتخــاذ القرار من اجل الصالح العام، لا ان ينتاب المسؤول الخوف والتردد والشك عند اتخـاذ القرار وخصوصا في مجال حرية الرأي والتعبير ، والرأي والرأي الآخر والذي يجب ان يسمع ويستفاد منه ويعرف مــساره وتـوجهاته لـيسهل التعامل معه ، امـا الغاء رأي الآخــرين وقمعهم ودفن آرائــهم ، فهذا لا يؤدي لــنتيجة ســوء التــضييق على حرية التعبير والتحكم القمعي بذلك، ويـبقــى المسار دون تـــطور نحو الافضل طالما المسؤل يرفض السماح بسماع صوت المثقف وما يريده للصالح العام ، وانما ولله الحمد لدينا من المسئولين بافكار مستنيرة يدافعون في كل محفل عن حرية التعبير في البلاد، وما نجاح معرض مسقط الدولي للكتاب بهذا الزخم من العطاء الكبير الا مثال على حرية التعبير فبتـنوع الآراء والافكار تزدهر الحياة وتتقدم. ولإيمانهم بأن القاريء اصبح واعيا وبامكانه ان يختار ما يناسبه ورفض ما لا يناسبه، وقدرته على التمييز بين الخطأ والصواب ، فقراءته لرأي معين لا يعني بأنه سيتبنى هذا الرأي او يعتنقه، ويغير معتقداته وتوجهاته التي سار عليها طوال حياته ، فالقاريء ليس اسفنجة تمتص كل ما يوجهه له او طفلا صغيرا مغمض العينين . فلنكن واثقين من انفسنا ولنمض الى الامام فنحن في عصر الانترنت والانفتاح على العالم وبضغطة زر واحدة على هاتفنا اوالكمبيوتر، نسمع ونرى ونقرأ ما نريد .... فمــاذا تـــبقـــى؟

نمير بن سالم آل سعيد