لقد قمت بتحليل التوترات السياسية بين الصين والولايات المتحدة منذ سنوات، وقلت سابقًا في مناسبات عديدة أن هناك خطرًا كبيرًا من اشتباك البلدين في حرب مع بعضهما البعض. لسنوات، كان التوتر بين الصين والولايات المتحدة يتنامى، مع تزايد احتمال حدوث صراع بينهما بشأن تايوان، وهي جزيرة تتمتع بالحكم الذاتي وتصر بكين أنها جزء من أراضيها ولكن واشنطن تعتبرها دولة مستقلة.
تفاقمت حدة التصاعد مؤخرا بأزمة المنطاد الصيني الذي حلق في أجواء الولايات المتحدة وتم إسقاطه من قبل السلطات الأميركية على أساس أنه عمل عدائي غايته التجسس، والبحث جار حاليا عن حطامه لفحصه. ومع أن الصين أعلنت أن المنطاد مدني ضل طريقه إلا أن حدة التصاعد مستمرة ومرشحة، في ضوء ما يتمخض عن التحقيق، لأن تصبح أزمة جديدة تضاف لسلسلة من الخلافات السابقة.
أضف لذلك أهمية تايوان الاستراتيجية حيث تحتل تايوان موقعًا هاما قبالة سواحل البر الرئيسي للصين، وتقدم لكلا البلدين ميزة حيوية من حيث الوصول إلى الطرق الجوية والبحرية للتجارة والعمليات العسكرية. كما أنها مقر شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة، أكبر مصنع لأشباه الموصلات في العالم. على هذا النحو، أصبحت تايوان واحدة من بؤر التوتر الرئيسية في شرق آسيا، بينما يحاول طرفي النزاع التفوق على الآخر.
وتسعى الولايات المتحدة لحماية مصالحها في شرق آسيا من التوسع الصيني، أيضًا بالعمل على خنق الصين من خلال الحد من وصولها إلى التكنولوجيا المتقدمة لأجل إبطاء تطورها ومنعها من أن تصبح تهديدًا أكبر. وقد أدت هذه السياسة إلى زيادة التوترات بين البلدين، مما دفع بعض المحللين إلى الاعتقاد بأن المواجهة العسكرية قد تكون مرجحة في المستقبل القريب بسبب زيادة مستويات الخطاب المتشدد من كلا الجانبين. هذا وازداد الحشد البحري الصيني في المياه التايوانية بحثًا عن فرص استفزازية، بينما قامت سفن البحرية الأمريكية بدوريات على الشواطئ التايوانية لإظهار التضامن مع تايبيه.
قال أحد الأعضاء البارزين من الحزب الجمهوري في الكونجرس الأميركي مؤخرًا أن احتمالات الصراع مع الصين بشأن تايوان مرتفعة جدا، حيث أرسل الجنرال الأميركي مايك مينيان قائد قيادة التنقل الجوي مذكرة إلى الإدارة الأميركية، يذكر فيها أنه يتوقع أن الولايات المتحدة ستواجه الصين في العامين المقبلين.
وقال الرئيس الجديد للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، مايك ماكول، إن الاحتمالات كبيرة جدًا لدرجة أننا قد نشهد صراعًا مع الصين وتايوان. في هذه الحالة، سيتعين على الإدارة الأميركية الرد، دون أن تنسى أن الناتو سيتدخل أيضًا.
يدرك كلا البلدين أن الحرب الشاملة يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة ليس فقط بالنسبة لهما ولكن على الدول الأخرى أيضًا، إضافة إلى إجراءات أخرى أقل خطورة مثل الحرب السيبرانية الجارية بالفعل.

- وطننا العربي في مارس 2023
- عامل المعرفة

طلال أبو غزالة