تُعدُّ القضيَّة الفلسطينيَّة والدِّفاع عنها إحدى أهمِّ القضايا العالقة التي تُهدِّد الأمن والسلام في هذا الإقليم، وبالتأكيد لها انعكاساتها العالميَّة؛ نتيجة ما تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيليِّ من سياسات قمعيَّة وعنصريَّة ممنهجة تعصف بحالة الاستقرار الهشَّة التي يعيشها الإقليم، ويُشجِّعها الصَّمتُ العالميُّ وحالة عدَم المحاسبة على ما ترتكبه دولة الاحتلال من جرائم ضدَّ كُلِّ ما هو فلسطينيٌّ، وهو ما تدركه سلطنة عُمان ودوَل مجلس التعاون الخليجي كافَّة، وتسعى أنْ تحمل هذا التصوُّر على كافَّة المنصَّات الأُمميَّة والعالميَّة؛ إيمانًا منها بأنَّ الحقَّ الفلسطينيَّ المشروع لا بُدَّ أنْ يكُونَ وراءه مطالب ومساند، يسعى إلى إعادة هذا الحقِّ المسلوب إلى أصحابه، ولا بُدَّ أنْ يكُونَ هناك غطاء دوليٌّ يحمي أبناء فلسطين من هذا الإرهاب والبطش الإسرائيليِّ.
ومن هذا المنطلق، سَعَتْ سلطنة عُمان ـ ممثِّلة لمجلس التعاون لدوَل الخليج العربية ـ أمام المفوضيَّة السَّامية لحقوق الإنسان التي تعمل على إجراء تقييم شامل لحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة، وتسليطها الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان المستمرَّة في الأراضي المحتلَّة، ومدى الالتزام بموجب ضمان المساءلة وتحقيق العدالة. وجاء في بيانٍ ألقاه المندوب الدَّائم لسلطنة عُمان لدى الأُمم المُتَّحدة والمنظَّمات الدوليَّة في جنيف نيابةً عن دوَل مجلس التعاون، خلال مشاركته في أعمال الدَّورة الثانية والخمسين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، حيث عبَّر الموقف الخليجيُّ عن القلق إزاء الوضع على الأرض، والذي يستمرُّ في التدهور مع عدم وجود علامات على وقف التصعيد، متأسفًا على ما يبرزه التقرير من غياب تامٍّ لأيِّ محاسبة أو مساءلة للمسؤولين عن الانتهاكات بحقِّ المدنيين الفلسطينيين، وللانتهاكات العديدة لحقوق الإنسان التي ترتكبها قوَّات الاحتلال الإسرائيليِّ، بما في ذلك استخدام القوَّة المفرطة ضدَّ الفلسطينيين، والعقاب الجماعي لسكَّان غزَّة، وتوسيع المستوطنات، وهدم منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم.
إنَّ هذه الانتهاكات التي عدَّدها الموقف الخليجيُّ أمام اللجنة، وحذَّر من استمرارها، لَنْ تؤثِّر فقط على الوضع في الأراضي الفلسطينيَّة، والحالة المأساويَّة التي وصل لها أبناء فلسطين تحت هذا الاحتلال الغاشم، لكنَّها ستتخطى الحدود، لتشعل دوَّامة من المواجهة والصراع سيكُونُ له دَوْر سلبيٌّ في الحفاظ على أمن واستقرار الإقليم بأسْرِه، لذا جاء البيان ليعبِّرَ عن رفض دوَل مجلس التعاون التَّام لكافَّة الانتهاكات المنهجيَّة التي ترتكبها قوَّات الاحتلال الإسرائيليِّ، وتعدُّها انتهاكًا صارخًا للقانون الإنسانيِّ الدوليِّ والقانون الدوليِّ لحقوق الإنسان، وتدعو دولة الاحتلال الإسرائيليِّ إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدوليِّ واحترام حقوق الإنسان لجميع الفلسطينيين.
ويؤكِّد هذا البيان ـ دُونَ مواربة ـ وقوف دوَل مجلس التعاون وعلى رأسها سلطنة عُمان إلى جانب الشَّعب الفلسطينيِّ في سعيِه لتحقيق العدالة، كما يُجدِّد التأكيد على موقفها الراسخ تجاه القضيَّة الفلسطينيَّة؛ باعتبارها القضيَّة الأولى للعرب والمسلمين، وعن دعمها الثابت لإقامة الدولة الفلسطينيَّة المستقلَّة ضِمْنَ حدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقيَّة وفق مبادرة السلام العربيَّة وقرارات الشرعيَّة الدوليَّة، وذلك إدراكًا منها بأنَّ أمن وسلام الإقليم واستقراره، وتحقيق التنمية لكافَّة أقطاره، لَنْ يتمَّ بالشَّكل الصحيح، دُونَ إيجاد هذا الحلِّ الشامل والعادل، الذي يعطي أبناء فلسطين حقوقهم المغتصبة، ويحاسب المجرمين في دولة الاحتلال على ما ارتكبوه من جرائم ضدَّ الإنسانيَّة.