ما يجري من مُمارسات تقوم بها الهمجيات الاستيطانية وعصاباتها «الإسرائيلية» ضد القرى الفلسطينية والمواطنين المدنيين في عموم الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، ليس سوى بلطجة و»زعرنة» على حد تعبير بعض الكتَّاب «الإسرائيليين»، إن لم نقل بأنها في حقيقتها همجيات كيان بذاته وبقياداته الأولى يُمارس سياساته الفاشية ضد الشَّعب العربي الفلسطيني.
إن هجوم المستوطنين الهمجي على بلدة (حوَّارة) قضاء نابلس، يدلُّ في جانبٍ منه على انفلات تلك العصابات بقيادة الوزيرين (إيتمار بن جفير) و(بنسلئيل سموريتش)، وأن نتنياهو بات يفقد السيطرة على الوضع. فرغم أن هجوم المستوطنين كان متوقعًا، إلا أن جيش الاحتلال ساند فعليًّا تلك المجموعات الاستيطانية، «فلديهم حصانة من القانون، ورهبة الدولة لا تسري عليهم» وفق ما كتبه صحفي «إسرائيلي».
لقد حَمَّل بعض المحللون في الصحف «الإسرائيلية» الصادرة يوم 27/2/2023 حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة و»الجيش الإسرائيلي» المسؤولية عن العدوان الهمجي والوحشي الذي شنَّه المستوطنون في بلدة (حوارة) في قلب الضفة الغربية، فكتب المحلل السياسي في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ناحوم برنياع، واصفًا ما وقع بـ»ليلة البلور في حوارة»، مضيفًا أن «هذا الوضع يتفاقم خلال ولاية الحكومة الحالية، بوجود الوزيرين الكبيرين فيها، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن جفير».
إن ما يجري على يد الاحتلال وعصابات المستوطنين، دفع العديد من شخصيات تياري «ما بعد الصهيونية»، و»المؤرخين الجُدد»، للقول: «إذا استمر الوضع القائم ستسود الزعرنة، أو ربما ينبغي لنا أن نقول إن التحوُّل النازي للشَّعب والمجتمع في إسرائيل، بات مُحتما». وكتب البروفيسور يشعياهو ليفوفيتش يقول «الزعرنة وصلت إلى ذروتها، الزعرنة تنتشر في كل مكان والعنف يصل إلى ذروته حيال الفلسطينيين، العنف وزعرنة المستوطنين تجاه الفلسطينيين هو فعل يومي». وأضاف قوله «الزعرنة السياسية بادية داخل إسرائيل، فالزعرنة هنا أيضًا في شكل مشاريع تشريعية شخصية هدفها شرعنة الجريمة المنتظمة لمنتخبي الجمهور».
إن «البلطجة» و»الزعرنة» التي وصلت إلى ما وصلت إليه داخل كيان الاحتلال «الإسرائيلي» في ممارسات المستوطنين المُستعمرين ضدَّ الشَّعب العربي الفلسطيني، يمتدُّ منذ قيام الكيان الصهيوني على أنقاض فلسطين عام النكبة 1948 بقوَّة النار والبارود. والجديد الآن أن الجناح اليميني العنصري الفاشي والأكثر فجاجة في «إسرائيل» وصل إلى سدَّة القرار عبر طريق صناديق الاقتراع، ما يشي باتِّساع قاعدته الاجتماعية في المجتمع اليهودي على أرض فلسطين المحتلة. وقد سبق لعدد من الكتَّاب والباحثين من تيار «ما بعد الصهيونية»، وتيار «المؤرخين الجُدد»، في العقدَين الماضيَين، وبعضهم احتلَّ مواقع رسمية في الكيان، كأبراهام بورج، رئيس الكنيست الأسبق من حزب العمل (الماباي)، وعالم الاجتماع باروخ كيمرلنج، ويهوشوا ليبوفيتز، والصحفي جدعون ليفي، وغيرهم، قد أشاروا إلى جنوحٍ متعاظم في المجتمع «اليهودي في فلسطين المحتلة» نحو قيعان الفاشية. وعلى حد تعبير الكاتب (ناحوم بارنيا) فقد بات رمزي الفاشية والشرور: «مئير كاهانا» و»جيئولا كوهين» يحكمان «إسرائيل» مِن قبرهما.


علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]